مقدمة للمؤرخ
لا يمكن لكاتب مهما أوتي من قوة البلاغة أن يصف وطنية هذا الشهم، أو ينسى تلك المقالات الشيقة المملوءة شعورا ووجدانا وحماسا التي كان يتوجها بهذا العنوان «الوطنية ديننا والاستقلال حياتنا»، وليس لفرد أن ينكر ما تحمله هذا الغيور من التضحيات من اعتقال ونفي وحبس حرية، وهو السري الغني بثروته ونفوذه وجاهه، ويكفيه أن حاز من عموم الشعب المصري لقب «النائب الحر الجريء» عن جدارة واستحقاق لجراءته في الحق وثباته على المبدأ، وبسبب ذلك حل به كل أنواع النكال والآلام التي كان يقابلها بصدر رحب ورباطة جأش، متمثلا بقول الشاعر:
ومن تكن الأوطان همة نفسه
فكل الذي يلقاه فيها محبب
حضرة صاحب العزة السري الجليل والنائب الحر الجريء سينوت بك حنا عضو مجلس النواب المنحل في دوريه الأول والثاني عن دائرة بندر أسيوط.
مولده ونشأته
بزغت شمس ميلاده في بندر أسيوط عام 1880م وهو ابن المغفور له الخواجه حنا ميخائيل أحد سراة مديرية أسيوط، فنشأ نشأة كاملة وأنبته الله نباتا حسنا ، ولما بلغ السابعة من عمره أدخل مدرسة الأليانس الفرنساوية بأسيوط، فظهرت نجابته وتم ذكاؤه وصار المثل الأعلى لأترابه، فتاقت نفسه إلى الاستزادة فيمم ثغر الإسكندرية ودخل كلية الفرير بها وارتشف العلوم الراقية من منبعها، وظلت مواهبه تتجلى كلما انفتح أمامها باب من العلم يساعدها على الظهور كاملة، أساتذة صاغوا هذه الجوهرة الثمينة وأخرجوها للناس كاملة تمتعهم بجمالها وجلالها، فتخرج من هذه الكلية حاملا لواء العلوم والمعارف.
سياحته في البلاد الأوربية
وقد ساح كثيرا في عواصم أوربا وعاشر الطبقات الراقية، وكان في مسامراته معهم يحادثهم عن مجد مصر وآثارها وأهرامها ومسلاتها، ولا يغمض له عين في تلك الزيارات إلا ويذكر استقلال مصر، ومن ذاك الحين أخذ يخدم بلاده بما أوتيه من ذكاء وحكمة، فأخذت مواهبه تسطع بين كبار المفكرين في الأمة المصرية، كما كان الصديق الحميم للمغفور له مصطفى كامل باشا، فكان له المقام الأسمى والقسط الأوفر والرأي الأسد عند ذاك الصديق الذي أحبه حبا مفرطا لسمو مداركه وكبير وطنيته وحسن جهاده.
انتخابه عضوا في الجمعية التشريعية
Unknown page