عادت يده تلتف حول كتفيها ... وعادت هي إلى الثرثرة، وفجأة تسأله ... ولنلاحظ أن يده ما زالت تحنو على كتفيها، كأب شفوق: كيف كنت تراني قبل اليوم؟
ويجيبها في بساطة: كما أراك اليوم، زهرة ناضرة جديرة بالإعجاب.
وتعود إلى السؤال: الإعجاب فقط؟ ... ألا أثير شيئا غير الإعجاب؟ - هل هناك أكثر من الإعجاب؟ - الحب مثلا؟
وفي سرعة تنسحب يده من حول كتفيها، ويعتدل في جلسته، كأنما رأى خطرا في طريق السيارة، ثم يجيب: قطعا تثيرين الحب ... لكن عند من في مثل سنك شبابا ونضارة، وتسأله وهي تضحك: لماذا سحبت يدك هكذا؟
ولا يجيب ... ولكنه يعيد يده في تراخ، وتقترب هي قليلا، ويحس جسدها دافئا إلى جواره.
ولننصفه، فنقول إنه حاول أن يتزحزح قليلا ليجعل بينها وبينه فراغا، ولننصفه مرة ثانية فقد وقف موقفا مشرفا حين هبطت من السيارة، وقالت: متى سأراك؟
إنه أجابها في حزم كما يقول: أنت تعلمين أن شواغلي كثيرة ... إذا احتجت لشيء فاتصلي بي بالتليفون، ولسوف أطمئن عليك من حين إلى حين، ولكنها لا تدعه يمضي حتى تطلب إليه أمرا. - ألا تقبلني قبلة المساء؟
وتستطرد ضاحكة: ألا تقبل ابنتك؟
ويطبع قبلة مرتعشة على جبينها ... ثم يطلق العنان لسيارته، ولو سألناه الآن فيم يفكر لأنكر ... أنكر أنه كان يفكر في سامية، ولن نستطيع أن نصل إلى أفكاره ... إنه سيزعم أنه لا يفكر فيها ... هذه الطفلة ، ولكن شفتيه مع ذلك تهمسان ... وهو وحيد في السيارة: هذه الطفلة ماذا تريد؟ آه لو سألناه الآن ماذا يعني؟ إنه لن يستطيع الجواب ... وإذا أجاب فهو يقول: وماذا أعني؟ لا شيء طبعا، لا أعرف ماذا أعني ... إنني أسأل ماذا تعني هي ... هذه الطفلة ...
هل ...؟
Unknown page