قالت الآنسة دوبي: «سألقي أنا مقطوعة، إذا كنت لا تمانعين في ذلك.»
وضعت كأسها الفارغ، وفردت كتفيها، وضمت قدميها معا.
قالت: «أستميحكم عذرا لعدم نهوضي.»
بدأت تتحدث في صوت بدا مجهدا ومتلعثما في البداية، وسرعان ما صار لاهثا ومنغمسا. تزايدت لكنتها الاسكتلندية. لم تعر محتوى القصيدة انتباها قدر ما أعارت الجهد المتواصل في إلقائها بالترتيب الصحيح، كلمة بعد كلمة، شطرا بعد شطر، بيتا بعد بيت. أظلم وجهها أكثر من خلال المجهود. إلا أن الإلقاء لم يكن دون تعبير على الإطلاق؛ كانت طريقة الإلقاء مثل طرق الإلقاء الجامدة من «صنع الذاكرة» التي تذكرت هازل حاجتها إلى تعلمها في المدرسة. كان الأمر بمثابة عرض أفضل الملقين في حفل المدرسة، نوع من الشهادة العامة الطوعية، من خلال كل تغيير في مقام الصوت، وكل إشارة جرى التمرن عليها واعتمادها.
بدأت هازل في إدراك جانب من القصيدة. حكاية مطولة كلها هراء حول الجنيات؛ صبي جرى إمساكه من قبل الجنيات، ثم فتاة تسمى الجنية جينيت تقع في حبه. كانت تلك الجنية ترد في فظاظة على والدها وتلف نفسها في عباءتها الخضراء ذاهبة إلى مقابلة حبيبها، ثم بدا كما لو أن الهالوين قد جاء وحلت ظلمة الليل القاحلة، وهلت أعداد كبيرة من الجنيات ممتطية ظهور الجياد. ليست جنيات طيبة، بأي حال من الأحوال، بل عصبة متوحشة كانت تنتقل في الليل وتطلق صراخا مزعجا. «وقفت الجنية جينيت، جامدة، غير متأثرة،
في مرج مقبض،
أكثر فأكثر ارتفع الصوت،
أثناء مجيئهن ممتطيات الجياد!»
جلست جودي واضعة طبق الكعك في حجرها، وهي تتناول شريحة كبيرة من كعكة الفواكه، ثم تناولت شريحة أخرى، لا يزال وجهها مشتعلا بالغضب غير مسامح. عندما انحنت لتقديم الكعكة، شمت هازل رائحة جسدها؛ ليست رائحة سيئة، لكنها رائحة جعلت عمليات التنظيف والتطهير منها رائحة غير مألوفة. كانت رائحتها تنبعث في حرارة من بين الصدر المتورد للفتاة.
شغلت أنطوانيت، التي لم تعبأ بأن تظل ساكنة، نفسها بطفاية سجائر نحاسية صغيرة، أخرجت سجائرها من حقيبتها، وبدأت تدخن. (قالت إنها لا تدخن أكثر من ثلاث سجائر يوميا.) «أولا امتطت الجواد الحالك السواد،
Unknown page