مكثتا في الحانة طويلا حتى رأت أنطوانيت أن الوقت حان حتى تكون جودي والآنسة دوبي مستعدتين لاستقبالهما.
ازداد الوادي ضيقا. كان منزل الآنسة دوبي قريبا من الطريق، تعلو التلال في حدة خلفه. أمام المنزل كان ثمة سياج مورف لامع من الشجيرات وبعض الأجمات الندية، جميعها حمراء الأوراق أو تساقط توتا. كان المنزل مغطى بالجص، وكانت الأحجار متراصة هنا وهناك على طراز غريب خاص بضواحي المدن.
وقفت امرأة شابة في مدخل المنزل. كان شعرها بهيا؛ شعرا أحمر متموجا، يلمع فوق كتفيها. كانت ترتدي فستانا غريبا إلى حد ما بالنسبة إلى هذا الوقت من اليوم؛ فستان حفلات من مادة رفيعة، حريرية، بنية، يتخلله خيط ذهبي معدني. لا بد أنها كانت تشعر ببرد شديد فيه - كانت قد عقدت ذراعيها، ضاغطة على صدرها.
قالت أنطوانيت، وهي تتحدث بصوت مفعم بالحماس كما لو كانت تتحدث إلى شخص أصم أو ثائر بعض الشيء: «ها نحن إذن يا جودي. لم يستطع دادلي المجيء. كان منشغلا بشدة. هذه هي السيدة التي أخبرك عنها في الهاتف.»
تورد خدا جودي أثناء مصافحتها إياها. كان حاجباها شقراوين جدا، بالكاد يريان، ما أصبغ على عينيها البنيتين الداكنتين صبغة مسالمة. بدت محبطة جراء شيء ما؛ هل كان ذلك بسبب الزائرين، أو ترى كان ذلك يرجع إلى توهج شعرها السائب؟ لكن لا بد أنها قامت بنفسها بتمشيطه بحيث يصبح على هذا النحو من اللمعان، وصففته هكذا ليظهر على هذا النحو.
سألت أنطوانيت إذا ما كانت الآنسة دوبي بصحة جيدة.
أدت كتلة من البلغم إلى تغليظ صوت جودي وهي تحاول الإجابة. تنحنحت وقالت: «إن الآنسة دوبي بصحة جيدة طوال هذا العام.»
هناك شيء من الارتباك حيال خلع معطفيهما؛ لا تعرف جودي تماما كيف تطلب منهما خلع معطفيهما، أو كيف تقود أنطوانيت وهازل إلى المكان الذي ستجلسان فيه. لكن أخذت أنطوانيت بزمام المبادرة وقادت الطريق عبر القاعة إلى غرفة الجلوس، التي كانت تعج بأثاث منجد مزركش، قطع ديكورية من النحاس والخزف، وحشائش زينة، وريش طاووس، زهور مجففة، ساعات وصور ووسائد. في وسط كل هذا كانت هناك سيدة عجوز تجلس في مقعد مرتفع الظهر، قبالة ضوء النوافذ، تنتظرهما. على الرغم من أنها كانت عجوزا، فلم تكن متجعدة البشرة على الإطلاق. كانت تمتلك ذراعين وقدمين سميكات وهالة كثيفة من الشعر الأبيض. كانت بشرتها بنية اللون، مثل لون تفاحة خمرية، وكان لديها انتفاخات كبيرة أرجوانية اللون تحت عينيها. لكن كانت عيناها نفسيهما براقتين وغير مستقرتين، كما لو كان ثمة ذكاء يتطلع إلى الخارج متى شاء - شيء في سرعة وطيش سنجاب يمر ذهابا وإيابا خلف هذا الوجه العجوز، الداكن، الثقيل، الممتلئ بالبثور.
قالت لأنطوانيت: «إذن، أنت المرأة من كندا.» كان صوتها قويا. كانت البقع المتناثرة على شفتيها تشبه الكرم الأسود المائل إلى الزرقة.
قالت أنطوانيت: «لا، ليس أنا ... أنا من فندق رويال، وقد التقيتني من قبل. أنا صديقة لدادلي براون.» أخرجت زجاجة من الخمر - من نوع ماديرا - من حقيبتها وقدمتها لها، كدليل على صحة كلامها. «أليس هذا هو النوع الذي تفضلينه؟»
Unknown page