أخبرتها أنيتا ماذا حدث في أحد المطاعم في كولومبيا البريطانية. كانت أنيتا وزوجها، في إحدى العطلات، قد ذهبا إلى مطعم على جانب أحد الطرق، ورأت أنيتا رجلا ذكرها برجل كانت تحبه - لا، ربما كان من الأفضل أن تقول مغرمة به - منذ سنوات طويلة. كان الرجل الذي في المطعم ذا بشرة شاحبة، وجه ثقيل، ويرتسم على وجهه تعبير احتقار ومراوغة، وهو ما كان نسخة باهتة من وجه الرجل الذي كانت تحبه، وكان جسده ذو الأرجل الطويلة نسخة من ذلك الرجل إذا كان متثاقلا في حركته. أحست وكأن روحها تنتزع منها انتزاعا عندما حان وقت الرحيل من المطعم. كانت تدرك معنى هذا التعبير، كانت تشعر أن روحها تنتزع انتزاعا، كانت ممزقة وتائهة. طوال سيرهما على الطريق السريع آيلاند هايواي، بين صفوف من أشجار التنوب الطويلة وأشجار الراتنج التي تحوطهما، وعلى متن المعدية المتجهة إلى برنس روبرت، كانت تشعر بألم فراق غريب. رأت أنها إذا كانت تستطيع الشعور بألم كهذا، إذا كانت تستطيع الإحساس بشعور أقوى تجاه شبح أكثر مما تشعر به في زواجها، فكان من الأفضل إذن فصم عرى زواجها.
هكذا أخبرت مارجوت. كان الأمر أكثر صعوبة من ذلك، بالطبع، ولم يكن الأمر على هذا النحو من الوضوح.
قالت مارجوت: «إذن، هل رحلت وعثرت على ذلك الرجل الآخر؟» «لا. كان الأمر من جانب واحد. لم أستطع.» «هل بحثت عن شخص آخر، إذن؟»
قالت أنيتا، مبتسمة: «وشخص آخر، وثالث.» في تلك الليلة عندما كانت تجلس إلى جوار فراش أمها، في انتظار إعطاء أمها حقنة، كانت تفكر في الرجال، واضعة الأسماء كلها بعضها فوق بعض لتمضية وقتها، مثلما يذكر المرء أسماء الأنهار الكبرى في العالم، أو العواصم، أو أبناء الملكة فيكتوريا. شعرت بالأسف على بعضهم لكنها لم تشعر بالندم. تدفق الدفء، في حقيقة الأمر، عبر جسدها. شعور متراكم من الرضا.
قالت مارجوت في قوة: «حسنا، هذه إحدى السبل ... لكن الأمر غريب بالنسبة إلي. غريب حقا. أعني: لا أرى الفائدة المرجوة منه، إذا لم تتزوجيهم.» وتوقفت برهة عن الكلام ثم أضافت: «هل تعرفين ماذا أفعل، في بعض الأحيان؟» نهضت بسرعة واتجهت إلى الأبواب الجرارة. تسمعت، ثم فتحت الباب وألقت برأسها إلى الداخل. ثم عادت وجلست.
قالت: «كنت أتأكد فقط أن ديبي لا تتنصت علينا ... الصبية، يمكن أن تقولي أي أشياء شخصية مريعة أمامهم وربما تتحدثين باللغة الهندوسية؛ حيث إنهم لا يتنصتون أبدا. لكن الفتيات يتنصتن. ديبي تتنصت ...»
قالت: «سأخبرك عما أفعل ... أذهب وأرى تيريسا.»
قالت أنيتا في دهشة بالغة: «ألا تزال هناك؟ ... ألا تزال تيريسا في المتجر؟»
قالت مارجوت: «أي متجر؟ ... أوه، لا! لا، لا. لم يعد المتجر موجودا. لم تعد محطة الوقود موجودة. أزيلا منذ سنوات خلت. تقيم تيريسا في دار الرعاية التابعة للمقاطعة الآن. لديهم ما يطلقون عليه قسم الحالات النفسية هناك الآن. الأمر العجيب هو أنها عملت هناك لسنوات وسنوات، تتناول الصينيات المستديرة وترتب الأشياء وتفعل هذا وذاك من أجل النزلاء. ثم بدأت هي نفسها تمر بنوبات مضحكة. لذا، في بعض الأحيان تعمل هناك، وفي أحيان أخرى تنزل هناك، إذا كنت تفهمين ما أقصد. عندما تنتابها إحدى تلك النوبات، لا تسبب أي مشكلات. هي مشوشة فقط بعض الشيء. ثرثرة طوال الوقت. على نحو ما كانت تفعل دائما، وإن كانت تفعل ذلك أكثر الآن. كل ما تقوم به هو الثرثرة والعناية بنفسها. إذا ذهبت لزيارتها، فستطلب منك دوما إحضار زيت استحمام أو عطر أو مكياج. في المرة الأخيرة التي ذهبت فيها إليها، جئت لها ببعض منتجات العناية بالشعر. كنت أظن أن في ذلك نوعا من المخاطرة، شيء معقد لن تستطيع استخدامه. لكنها قرأت الإرشادات، وصبغت شعرها بصورة حسنة. لم تفسد الأمور. أعني بمشوشة أنها تظن نفسها أنها على متن سفينة. السفينة التي تحمل عرائس الحرب. تنقلهن جميعا إلى كندا.»
قالت أنيتا: «عرائس الحرب.» رأتهن متوجات بتيجان من الريش الأبيض، ريش مهوش، رائع. كانت تفكر في قبعات زمن الحرب.
Unknown page