يسمعون الطارق يقرع الباب الأمامي بشكل يتعارض مع قواعد الذوق.
تقول أمهما: «أعرف، أعرف من يكون هذا ... السيدة لوني باتلر، ماذا تظنون؟» تخلع حذاءها القماشي وتفتح في هدوء أبواب المداخل المقنطرة، دون إحداث أي صرير. تسير على أطراف أصابعها إلى النافذة الأمامية في غرفة المعيشة التي لم تعد مستخدمة، والتي تستطيع من خلال مصاريعها إلقاء نظرة سريعة ورؤية الشرفة الأمامية. تقول: «اللعنة! إنها هي.»
تعيش السيدة باتلر في أحد المنازل الثلاثة الأسمنتية على الجانب الآخر من الشارع، إنها مستأجرة، شعرها أبيض ، لكنها تسرحه لأعلى وتغطيه بقبعة مصنوعة من قطع متعددة الألوان من القطيفة، ترتدي معطفا أسود طويلا، لديها عادة إيقاف الأطفال في الشوارع وتوجيه الأسئلة إليهم: هل رجعت لتوك من المدرسة؟ لماذا تأخرت هكذا؟ هل تعرف أمك أنك تمضغين اللبان؟ هل تلقين أغطية الزجاجات في فناء منزلي؟
تقول أمهما: «اللعنة! لا يوجد شخص لا أرغب في رؤيته سوى هذه.»
ليست السيدة باتلر زائرة دائمة، تزورهم على نحو غير منتظم، مزعجة إياهم بقائمة طويلة من الشكاوى، وبعض الأخبار العاجلة المريعة. الكثير من الأكاذيب، وفي الأسابيع العديدة التالية، تمر على المنزل دون أن تنظر إليه، في خطوات واسعة سريعة ورأس بارز إلى الأمام مما ينزع كل المهابة عن معطفها الأسود. هي مشغولة البال ومنزعجة دائما وتمشي وهي تتمتم غاضبة.
يقرع الطارق الباب مجددا، وتسير أمهما في خفة إلى عتبة الباب في القاعة الأمامية، تقف هناك، على أحد جانبي الباب الأمامي الكبير يوجد لوح من الزجاج الملون عليه تصميمات غاية في التعقيد حتى إنها لا تسمح برؤية ما وراءها، وعلى الجانب الآخر، حيث كسر لوح من الزجاج الملون (قالت أمهما: حدث ذلك في إحدى الليالي التي كنا نقيم فيها حفلة صاخبة)، يوجد لوح من الخشب. تقف أمهما على عتبة الباب تجأر، تجأر قائلة: «ياب، ياب، ياب»، مثل جرو غاضب صغير محبوس وحده في المنزل. تضغط السيدة باتلر برأسها المغطى بقبعة إزاء الزجاج وهي تحاول أن ترى ما بالداخل، لا تستطيع أن ترى أي شيء. ينبح الجرو بصوت أعلى، نوبة محمومة من النباح - هياج غاضب - وكأن أمهما تتلفظ من خلالها بكلمات «اذهبي بعيدا»، «اذهبي بعيدا»، «اذهبي بعيدا»، «أيتها السيدة المخبولة»، «أيتها السيدة المخبولة»، «أيتها السيدة المخبولة»، «اذهبي بعيدا، أيتها السيدة المخبولة، اذهبي بعيدا».
تقف السيدة باتلر في الخارج لبعض الوقت في الحرارة الشديدة، تحجب الضوء عن الزجاج.
في زيارتها التالية تقول: «لم أكن أعرف قط أن لديك كلبا.»
تقول أمهما: «لا نملك كلبا ... لم يكن لدينا كلب على الإطلاق، كنت أفكر في كثير من الأحيان أن أقتني كلبا، لكن لم أفعل ذلك على الإطلاق.» «حسنا، أتيت إلى هنا في أحد الأيام، ولم يكن هناك أحد في المنزل، لم يأت أحد إلى الباب، وأكاد أقسم أنني سمعت صوت نباح كلب.»
ترد أمهما: «ربما تعانين من مشكلة في أذنك الداخلية ... يجب أن تستشيري الطبيب.»
Unknown page