من أعظم برهان على وجود القادر المبتدئ بالإحسان ونفوذ حكمه في أقطار الأمكان.
فصل فيما نذكره من مصحف اخر لطيف كنت وهبته لولدي (محمد) يصلح للتقليد من وجهة أوله في السطر الثامن وتمامها في السطر العاشر وفى الأرض قطع متجاورات وجنات من أعناب وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان يسقى بماء واحد ونفضل بعضها على بعض في الاكل ان في ذلك لآيات لقوم يعقلون.
أقول إن في مطاوي هذه الآيات الباهرة من التعريف بقدرة الله جل جلاله القاهرة لعجائب لذوي القلوب والعيون الباصرة فان الأرض قد نكون على صفة واحدة والماء جنس واحد والهواء طبع واحد والتوابع متساوية والعروق والأجذاع وأصول الأشجار لها حال لا يختلف كل واحد منها في ذاته وصفاته وثمارها مختلفة غاية الاختلاف في تقلب ذاته وكيفياته وروائحه ولذاته فمن أين دخل عليه ما قد انتهت حاله إليه وليس له مادة بذلك التقلب من عرق ولا أصل ولا شئ مما يشتمل عليه لولا أن...
فصل فيما نذكره من مصحف لطيف شريف قلدته لولدي (محمد) لما انحدر معي (إلى سورا) وقفته عليه في وجهة أوله في سابع سطر واخرها في سطر العاشر وقضى ربك الا تعبدوا الا إياه وبالوالدين احسانا اما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا.
أقول لما كان الوالدان كالساعيين في الانشاء قرن جل جلاله حقهما بحقه في الشكر والنعماء وجعل ذلك داعيا إلى ترغيب الاباء في ولادة الأبناء لعمارة دار الفناء وللإقامة في دار البقاء وامر له بخفض الجناح لوالديه فإنهما خفضا جناحهما له أيام كان محتاجا إليهما فكان ذلك كالفرض عليه وقاما بما كان يحتاج إليه وما كان من كسبه والسعي في ايجادهما وهما سعيا في
Page 28