Sāʿāt bayn al-kutub
ساعات بين الكتب
Genres
مجيبك معلنا لا أتقيكا
وانطلق يصخب ويثلب، وهو في رأيه معذور في ذلك الجرم الذي جنوه عليه، قبل أن يجنيه عليهم، ومعذور حتى من الحسد الذي كان لا يداريه ولا ينكره، ولكن يقول في التماس المعذرة له:
لا تلومن حاسدا، ألم النف
س من البخس يا أخي شديد
وزد على ذلك فجائعه في بنيه، وأحبابه، واحدا واحدا، وهو أحوج ما يكون إلى معونتهم وعطفهم بين قوم كأنه غريب فيهم لا يفهمهم ولا يفهمونه، وزد عليه طمع الناس فيه حتى كانت تسلبه ملكه الزهيد امرأة كما جاء في بعض شعره، ويغصبه منزله الذي يسكنه تاجر يستهين به وبما عسى أن يصنع:
وراغمني فيما أتى من ظلامتي
وقال لي اجهد في جهد احتيالكا
فما هو إلا نسجك الشعر سادرا
وما الشعر إلا ضلة من ضلالكا
لهذا وأمثاله كثرت أهاجي ابن الرومي، واشتد إقذاعه، وكان الذين يمدحهم بالأمس هم الذين يسبهم بعد ذاك، ولو أننا نصبنا ميزان العدل لكان ابن الرومي ملوما على المدح أضعاف لومه على الهجاء، فقد كان يكذب حين يمدح ويتوسل، ولم يكن يكذب حين يهجو وينتقم، وراجع تراجم المهجوين في قصائده تجدهم كلهم أو أكثرهم لصوصا لا ينقضي على أحدهم في المنصب أشهر أو سنوات حتى يعمر بيته بالمنهوب والمسلوب من أرزاق الضعفاء، ثم لا تنقضي فترة أخرى حتى يغرى به لصوص أكبر منه فينكبوه، ويستصفوا أمواله كأنهم تغافلوا عنه ريثما يجمع لهم هذه الأموال.
Unknown page