al-Saʿadat wa-l-isʿad fi al-sirat al-insaniyyat
السعادة والاسعاد في السيرة الانسانية
Publication Year
1957 / 1958
Genres
تفصيل وجوه الإحسان
ونبدأ الآن بوجوه منها قال سابور بن أردشير تقدم إلى أمنائك بإحصاء ذوي الحاجة والمسكنة من أهل الأدواء والزمانة الذين لا يستطيعون الإحتراف لأنفسهم ولا يرجعون إلى كفاية بأموالهم ثم أجر عليهم الكفاية السابغة فإن الملوك أحق بمؤونتهم من الرعية وقال علي بن أبي طالب للأشتر تفقد أهل اليتم والزمانة والرقة في السن ممن لا حيلة له ولا ينصب للمسألة نفسه وأقم لهم كفايتهم وجه آخر قال أرسطوطيلس ينبغي للملك أن يصرف همته إلى تفقد حال من لا يمكنه رقع ظلامته إليه من ضعيف وفقير ومسكين ومبتلى وقال علي بن أبي طالب للأشتر تفقد أمر من لا يصل إليك ممن تحتقره النفوس ووكل في العناية بأمورهم وتفقد أحوالهم وإنهائها إليك أهل الحسبة والتواضع
وجه آخر
وقال سابور لابنه هرمز اعلم بأنك وإن اجزلت العطاء ووسعت الأرزاق لا تنال مودة أصحابك إلا بأن تتعهدهم يالصلة والحباء واعلم أنه قد يكون فيهم من يشره إلى الطلب فيسئل ومنهم من يطوى عنك حاجته ويصبر والصواب أن تحتمل الحريص على حرصه وأن تزيد من جاملك في أمره ووفرك بتركه النظر له بك واعلم بأن بذل المال لذي رأي تستضيء بذاته أو مبارز تصول بشجاعته أو وزير تثق به ويكفيك طائفة من عملك بحسن قيامه أو شريف في سلطانك تتزين به تأبيد لملكك ورفعة لأمرك وعايد إليك به أكثر ممما بذلت لأن ذلك يبعثهم على صدق الموالاة وحسن المعاونة لك في شأنك قال وإذا أمرت لأمرئ من هؤلاء أو غيرهم بحباء أو صلة فاسم بنفسك عن أن يكون حيث يناله بصرك وجه آخر من الإحسان قال أرسطوطيلس للإسكندر ينبغي للملك أن يعلم أن من الناس ناسا لا يهنئهم قضاء حوائجهم من دون مخاطبتهم الملك فينبغي أن يمكنهم من ذلك وإن بعد ذلك من نعم الله عليه وقال علي للأشتر اعلم من الناس من لا يقنع منك بأن تقضى حاجته من دون مشافهتك إياه بها وذلك ثقيل على الولاة والحق كله ثقيل قال فينبغي أن تجعل لذوي الحاجات قسطا من سخطك وذهنك وأن تسهل عليهم كلامك ومراجعتك قانون قال أنوشروان ليكن اجتهاد الملك في إرضاء الله بحسن الطاعة له وفي أحياء الرعية بحسن النظر لهم وينبغي مع ذلك أن يجتهد في إعلاء ذكره ومما يرفع الذكر ويبقيه إحداث المدن وعمارة بيوت الله وإقامة البيمارستانات لإقامة المرضى وإقامة الأطباء لعلاجهم ومنه قال أنوشروان المرحمة ثمرة كل حكم و علم هي الجامعة لكل بر وصلة وقلة الرحمة قائد إلى فاحشة وعظيمة وفظيعة .
ذكر الأسباب التي تتولد منها الآفات المفسدة للساسة المؤدية إلى خراب العمارة وإلى فقر الرعية
في خذاى نامه قال سابور أردشير لابنه هرمز أصل ما يفسد به الولاة والعمال فيخربوا العمارة ويفقروا الرعية ثلاث أحدها مشاركة الملك إياهم في الشره وفي فضل الحرص على جمع المال وعلى اجترار المنافع إلى أنفسهم من غير وجوهها فيقع الظلم وبالظلم يرتفع البركات وتخرب العمارات وتقل الأموال والثاني ترك العدوى على العمال وترك استخراج الظلامات منهم لإيجاب أو حرمة أو ألف أو هوى والثالث الإهمال والإضاعة وذلك بأن يترك تفقد أحوالهم وأمورهم ومعرفة سيرتهم وأفعالهم
ذكر شيئين آخرين
قال سابور لابنه هرمز وأحذرك أمرين آخرين يكسبانك المقت ويحملانك على اظلم وعلى إفقاد الرعية وتخريب العمارة وإفساد الملك والمملكة ونماء الشرف والمفاخرة بما يتباهى به المتنافسون ويتبذخ به المسرفون من جميع الأشياء فإن الناس الذين هم حاشيتك وعمالك وأعوانك إذا رأوا ذلك منك تقيلوا بك واستنوا بسنتك ورغبوا في تغيير أحوالهم وفي الزيادة في مروؤاتهم من الأبنية والبساتين والآلات والعبيد والمراكب والأثاث وغير ذلك وإذا أرادوا ذلك لم يكفيهم ما تعطيهم وتجريه عليهم فيتسخطوا إحسانك ويستقلوا معروفك ولم يقنعوا بجرايتك ورزقك وبعطائك وصلتك وإن أضعت ما تعطيهم وأضعفت لأنه ليس للمسرف الشره حد فيقف عنده فإن رمت إرضاءهم لم يحتمله دخلك وإن حرمتهم صاروا حربا لك وفتحوا مع ذلك أبواب الخيانات والجنايات عليك وتركوا نصيحتك في أمورك وتربصوا الدوائر عليك وبك قال اعلم بأنه إنما يفاخر المرء أقرانه وأكفاءه والملك فلا شبيه له ولا نظير
ذكر الأسباب المؤدية إلى الإهمال
قال أفلاطن آفة الملك الإهمال والأسباب التي تولد الإهمال ثلاث أحدها استهتار الملك بالشرب والثاني الشغف باللعب والسماع والثالث الولوع بالنساء وهذه كلها مفسدة للفكر ومقطعة للزمان ذكر سبب آخر للإهمال وقال أرسطوطيلس وأحد أسباب الإهمال الأمن فإن الأمن يؤدي الناس إلى ترك استعمال الآداب والسنن ويؤدي الملك إلى ترك أخذهم بإقامتها وباستعمالها فإن فجئهم الأمر لم يجدوا أنفسهم قال وأيضا فإنهم إذا استطابوا لذة العطلة وسلموا من العقوبة في ترك سنة تجروا على ترك السنة جملة قال ولذلك أقول بأن التقلب في الخيرات أصعب من مقاسات السرور قال ولهذا أقول مدة من حنكته التجارب تكون في الملك أطول ذكر سبب آخر من أسباب الإهمال وقال أرسطوطيلس وأحد أسباب الإهمال التهاون بالأمر الصغير للإعتماد على فضل القوة وتوفر العدة قيل لمروان بن محمد وكان من أشهم ملوك بني أمية وبه ختمت دولتهم كيف فجعكم الأدبار فقال لإستخفافي بما كان يكتب به نصر بن سياد قال وذلك أنه كان دائما يكتب فسدت الدولة فغاظني ذلك منه وأردت أريه القدرة فرأيت القدرة قانون وقال أرسطوطيلس للإسكندر إذا وليت أحدا فحذره الخلاف وأقسم عليه بالوعيد
Unknown page