يبدو له المستور كالمكشوف
فطن تمنطق بالفصاحة، وارتدى
جلباب علم النحو والتصريف
وكان «التاريخ الشعري» - وهو من معجزات دهر الشيخ - رائج السوق في ذلك الزمان، فملأت «تواريخ» شيخنا المقابر والقصور، واغتبط بها الأزواج والمواليد، حيا بها الباشوات والسلاطين بالمئات في القصيدة الواحدة، فتوالدت في قصائده وتكاثرت «كالآميب» التي يسميها العوام «حبل القر»، ولم يبزه أحد إلا معلمنا عبد الله البستاني كما مر بك. (2-4) الحكم في شعره
إن قريحة الشيخ فوارة، أجاد المدح وتفوق على شعراء عصره بالرثاء المملوء حكمة، وقد يرثي من لا يعرفه، كالمتنبي في اللاذقية، فيتوسل إلى رثائه بوصف زوال الدنيا، والحكمة التي نحبها نحن، فيخرجها إخراجا بطيئا كأنه مشي الشيوخ الأجلاء، إنه لا يقذفها قنابل كالتي كان يرمي بها المتنبي الناس؛ فهو يقول مثلا:
للموت يولد منا كل مولود
يا أيها الأم ربي الطفل للدود
ويقول في مقام آخر، ونعم القول:
متى تر الكلب في أيام دولته
فاجعل لرجليك أطواقا من الزرد
Unknown page