يبدأ الجزء الأول من الجنان - كانون الثاني 1870 - بمقال مترجم لم يوقع، ويختم برواية «الهيام في جنان الشام» كتبها ابنه سليم، ونشرت متسلسلة في أجزاء السنة الأولى فانتهت بانتهائها. أما جميع المقالات الأولى بعد العدد الأول فكتبها كلها سليم، وسليم ذو ملكة إنشائية ليس لأبيه بيانها، فتنقل من موضوع إلى موضوع، وفي السنة الثالثة جعل سليم عنوان مقالته الدائم «جملة سياسية» كما سماها الشدياق في جوائبه من قبل.
وظلت البساطة، بل الركاكة، مرافقة قلم الجنان حتى دخلت سنتها الثانية، وعلت صيحة صاحب الجوائب، فأعلن المعلم بطرس: «إنه لما كان الجنان قد تجنب استعمال الألفاظ اللغوية في السنة الأولي من سنوات نشره، وكان من المفيد أن لا يتجنب ذلك بعد أن يكون جمهور القراء راغبا في توسيع دائرة اللغة باستعمال الألفاظ الكثيرة ... كان لا بد لنا من القيام بحق ذلك الأمر المهم. فنسأل الله التوفيق، ونطلب إلى حضرة قرائه أن يعذرونا، إذا أتعبناهم بتكرار مراجعة القواميس.»
3
أما ولده سليم فودع قراء الجنان في آخر سنتها الأولى بقوله عن روايته المتسلسلة: «وقد اعتنيت بجمعها من صفات الفضلاء والرذلاء والعقلاء والجهلاء، ولم أترجمها عن عجمي ولا نقلتها عن عربي»
4
ووعد أن يقدم للقراء رواية حبية تاريخية في العام المقبل، وقد بر بوعده فألف رواية «زنوبيا ملكة تدمر» ونشرها متسلسلة، ثم استمر على ذلك فنشر في السنين التالية رواية «بدور»، ثم رواية «أسما» التي لم تكف فأنشأ لآخر عدد أقصوصة عنوانها «غانم وأمينة» فسد بها ذلك الفراغ، ثم نشر عام 1874 قصة «الهيام في فتوح الشام»، وقد أكثر في هذه القصة من الترصيع بالشعر القديم، لأنها عربية تاريخية كما يفهم من عنوانها، ولعل سليما هو أول من كتب رواية تاريخية، ولست أقول إنها أوحت الموضوع إلى زيدان بعده؛ لأن زيدان عارف مثله بما عند القوم من هذه البضاعة.
وبقي سليم يمون الجنان بروايته سنة كاملة، أما في نهاية هذه السنة فأعلن عدوله عن التموين الكلي. وفي سنة 1875 كتب للجنان رواية «بنت العصر» فقام بكفايته نصف سنة، وكأنه مل التأليف فشرع يترجم بدلا من أن يؤلف، فنشر بالتتابع روايات: «كاملة»، و«الغرام والاختراع»، و«الصواعق»، و«الحب الدائم»، و«ماذا رأت مس درانكتون»، و«السعد في النحس»، و«جرجينه» التي ختمت بها السنة 1875.
وترجم لسنة 1876 «حلم المصور» و«سم الأفاعي» و«سر الحب» و«حيلة غرامية» و«حكاية الغرام» و«زوجة جون كارفار».
وفي عام 1877 عاد فألف رواية «فاتنة» وملأ العددين 23 و24 بأقصوصتين مترجمتين «لا تنسني» و«قمرية».
أما في السنة 88 و89 فما عرفت ما ألف وما ترجم؛ لأن هذين المجلدين ليسا عندي. وفي سنة 1870 لم يذع روايات له بل لغيره، وكذلك فعل عام 1881 الذي جرى في نهايته «اتحاد الجنان والجنة ولسان الحال»، وبعد هذا انصرف سليم إلى تعريب «تاريخ عام قديم» أحله محل رواياته.
Unknown page