وَأثبت الجبائى وَابْنه البلخى عَذَاب الْقَبْر وَلَكنهُمْ نفوه عَن الْمُؤمنِينَ وأثبتوه لأَصْحَاب التخليد من الْكفَّار والفساق على أصولهم
وَقَالَ كثير من الْمُعْتَزلَة لَا يجوز تَسْمِيَة مَلَائِكَة الله بمنكر وَنَكِير وَإِنَّمَا الْمُنكر مَا يَبْدُو من تلجلجه إِذا سُئِلَ والنكير تقريع الْملكَيْنِ لَهُ
وَقَالَ الصالحى وَصَالح فِيهِ عَذَاب الْقَبْر يجرى على الْمُؤمن من غير رد الْأَرْوَاح إِلَى الأجساد وَالْمَيِّت يجوز أَن يألم ويحس وَيعلم بِلَا روح وهذ قَول جمَاعَة من الكرامية
وَقَالَ بعض الْمُعْتَزلَة ان الله سُبْحَانَهُ يعذب الْمَوْتَى فِي قُبُورهم وَيحدث فيهم الآلام وهم لَا يَشْعُرُونَ فَإِذا حشروا وجدوا تِلْكَ الآلام وأحسوا بهَا قَالُوا وسبيل الْمُعَذَّبين من الْمَوْتَى كسبيل السَّكْرَان والمغشى عَلَيْهِ لَو ضربوا لم يَجدوا الآلام فاذا عَاد عَلَيْهِم الْعقل أحسوا بألم الضَّرْب
وَأنكر جمَاعَة مِنْهُم عَذَاب الْقَبْر رَأْسا مثل ضرار بن عَمْرو وَيحيى بن كَامِل وَهُوَ قَول المريسى فَهَذِهِ أَقْوَال أهل الخزية والضلال
فصل وَمِمَّا ينبغى أَن يعلم أَن عَذَاب الْقَبْر هُوَ عَذَاب البرزح فَكل من
مَاتَ وَهُوَ مُسْتَحقّ للعذاب ناله نصِيبه مِنْهُ قبر أَو لم يقبر فَلَو أَكلته السبَاع أَو أحرق حَتَّى صَار رَمَادا ونسف فِي الْهَوَاء أَو صلب أَو غرق فِي الْبَحْر وصل إِلَى روحه وبدنه من الْعَذَاب مَا يصل إِلَى الْقُبُور
وَفِي صَحِيح البخارى عَن سَمُرَة بن جُنْدُب قَالَ كَانَ النَّبِي إِذا صلى صَلَاة أقبل علينا بِوَجْهِهِ فَقَالَ من رأى مِنْكُم اللَّيْلَة رُؤْيا قَالَ فان رأى أحد رُؤْيا قصها فَيَقُول مَا شَاءَ الله فسألنا يَوْمًا فَقَالَ هَل رأى أحد مِنْكُم رُؤْيا قُلْنَا لَا قَالَ لكنى رَأَيْت اللَّيْلَة رجلَيْنِ اتيانى فأخذا بيدى وأخرجانى إِلَى الأَرْض المقدسة فَإِذا رجل جَالس وَرجل قَائِم بِيَدِهِ كَلوب من حَدِيد يدْخلهُ فِي شدقه حَتَّى يبلغ قَفاهُ ثمَّ يفعل بشدقه الآخر مثل ذَلِك ويلتئم شدقه هَذَا فَيَعُود فيصنع مثله قلت مَا هَذَا قَالَا انْطلق فَانْطَلَقْنَا حَتَّى أَتَيْنَا على رجل مُضْطَجع على قَفاهُ وَرجل قَائِم على رَأسه بصخرة أَو فهر فيشدخ بهَا رَأسه فاذا ضربه تدهده الْحجر فأنطلق اليه ليأخذه فَلَا يرجع إِلَى هَذَا حَتَّى يلتئم رَأسه وَعَاد رَأسه كَمَا هُوَ فَعَاد إِلَيْهِ فَضَربهُ قلت مَا هَذَا قَالَا انْطلق فَانْطَلَقْنَا إِلَى نقب مثل التَّنور أَعْلَاهُ ضيق وأسفله وَاسع يُوقد تَحْتَهُ نَار فَإِذا فِيهِ رجال وَنسَاء عُرَاة فيأتيهم اللهب من تَحْتهم فَإِذا اقْترب ارتفعوا حَتَّى
1 / 58