وَأَن قُلُوب هَؤُلَاءِ لما كَانَت ميتَة صماء كَانَ اسماعها مُمْتَنعا خطاب الْمَيِّت والأصم وَهَذَا حق وَلَكِن لَا يَنْفِي إسماع الْأَرْوَاح بعد الْمَوْت إسماع توبيخ وتقريع بِوَاسِطَة تعلقهَا بالأبدان فِي وَقت مَا فَهَذَا غير الاسماع الْمَنْفِيّ وَالله أعلم
وَحَقِيقَة الْمَعْنى أَنَّك لَا تَسْتَطِيع أَن تسمع من لم يَشَأْ الله أَن يسمعهُ ان أَنْت إِلَّا نَذِير أى إِنَّمَا جعل الله لَك الِاسْتِطَاعَة على الانذار الَّذِي كلفك إِيَّاه لَا على إسماع من لم يَشَأْ الله إسماعه
وَأما قَوْله إِن الحَدِيث لَا يَصح لِتَفَرُّد الْمنْهَال بن عَمْرو وَحده بِهِ وَلَيْسَ بالقوى فَهَذَا من مجازفته رَحْمَة الله فَالْحَدِيث صَحِيح لَا شكّ فِيهِ وَقد رَوَاهُ عَن الْبَراء بن عَازِب جمَاعَة غير زَاذَان مِنْهُم عدى بن ثَابت وَمُحَمّد بن عقبَة وَمُجاهد
قَالَ الْحَافِظ أَبُو عبد الله بن مَنْدَه فِي كتاب الرّوح وَالنَّفس أخبرنَا مُحَمَّد بن يَعْقُوب ابْن يُوسُف حَدثنَا مُحَمَّد بن اسحق الصفار أَنبأَنَا أَبُو النَّضر هَاشم بن الْقَاسِم حَدثنَا عِيسَى بن الْمسيب عَن عدى بن ثَابت عَن الْبَراء بن عَازِب قَالَ خرجنَا مَعَ رَسُول الله فِي جَنَازَة رجل من الْأَنْصَار فانتهنا إِلَى الْقَبْر وَلما يلْحد فَجَلَسْنَا وَجلسَ كَأَن على أكتاقنا فلق الصخر وعَلى رءوسنا الطير فأرم قَلِيلا والارمام السُّكُوت فَلَمَّا رفع رَأسه قَالَ إِن الْمُؤمن إِذا كَانَ فِي قبل من الْآخِرَة ودبر من الدُّنْيَا وحضره ملك الْمَوْت نزلت عَلَيْهِ مَلَائِكَة مَعَهم كفن من الْجنَّة وحنوط من الْجنَّة فجلسوا مِنْهُ مد الْبَصَر وَجَاء ملك الْمَوْت فَجَلَسَ عِنْد رَأسه ثمَّ قَالَ اخْرُجِي أيتها النَّفس المطمئنة اخْرُجِي إِلَى رَحْمَة الله ورضوانه فتنسل نَفسه كَمَا تقطر القطرة من السقاء فَإِذا خرجت نَفسه صلى عَلَيْهِ كل من بَين السَّمَاء وَالْأَرْض إِلَّا الثقلَيْن ثمَّ يصعد بِهِ إِلَى السَّمَاء فتفتح لَهُ السَّمَاء ويشيعه مقربوها إِلَى السَّمَاء الثَّانِيَة وَالثَّالِثَة وَالرَّابِعَة وَالْخَامِسَة وَالسَّادِسَة وَالسَّابِعَة إِلَى الْعَرْش مقربو كل سَمَاء فَإِذا انْتهى إِلَى الْعَرْش كتب كِتَابه فِي عليين وَيَقُول الرب ﷿ ردوا عَبدِي إِلَى مضجعه فَإِنِّي وعدتهم أَنى مِنْهَا مَا خلقتهمْ وفيهَا أعيدهم وَمِنْهَا أخرجهم تَارَة أُخْرَى فَيرد إِلَى مضجعه فيأتيه مُنكر وَنَكِير يثيران الأَرْض بأنيابهما ويفحصان الأَرْض بأشعارهما فيجلسانه ثمَّ يُقَال لَهُ يَا هَذَا من رَبك فَيَقُول رَبِّي الله فَيَقُولَانِ صدقت ثمَّ يُقَال لَهُ مَا دينك فَيَقُول ديني الْإِسْلَام فَيَقُولَانِ صدقت ثمَّ يُقَال لَهُ من نبيك فَيَقُول مُحَمَّد رَسُول الله فَيَقُولَانِ صدقت ثمَّ يفسح لَهُ فِي قَبره مد بَصَره ويأتيه رجل حسن الْوَجْه طيب الرّيح حسن الثِّيَاب فَيَقُول جَزَاك الله خيرا فوَاللَّه مَا علمت إِن كنت لسريعا فِي طَاعَة الله بطيئا عَن مَعْصِيّة الله فَيَقُول وَأَنت جَزَاك الله خيرا فَمن أَنْت فَيَقُول أَنا علمك الصَّالح ثمَّ يفتح لَهُ بَاب إِلَى الْجنَّة فَينْظر
1 / 46