والأكياس بحثوا عن أصل هذه الأمور، ووجدوه على ما ذكرنا، فخلصوا إلى الرياضة، فقالوا: أنا لما وجدنا النفس تأشر وتبطر، وتستمر على الفرح، حتى تصير بحال من امتلائها بالفرح بالأشياء، كالسكران الذي لا يفيق من سكره، فكل شيء نالت من الدنيا من حال أو عرض أو حال، مطلق لها أو غير مطلق فرحت، فذلك الفرح سم يجري في العروق حتى يشتمل على الجسد، يمتلئ القلب من حلاوة ذلك الفرح، ويصير أشرًا بطرًا، لا يذكر موتًا ولا قيامة ولا حسابًا، ولا شيئًا من أهوال القيامة، فذلك فرح يميت القلب، وتستمر النفس عليه وتطيب، وتقوى الشهوة وتحتد، فهذا فرح مذموم، ذمه الله ﷿ في تنزيله، فقال: (وفرحوا بالحياة الدنيا وما الحياة الدنيا في الآخرة إلا متاع). وقال تعالى: (لا تفرح إن الله لا يحب الفرحين). ودل على الفرح المحمود، وندب إليه فقال ﷿: (قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا، هو خير مما يجمعون). فإذا فرح العبد بما فضله الله ﷿ على سائر العبيد، فمن عليه بالمعرفة والعقل، فاستنار قلبه، وطابت نفسه، فتعاونا على الشكر والحمد، فاستوجب المزيد، فقال ﷿: (لئن شكرتم لأزيدنكم)، ففرحه بذلك يجلب عليه المزيد، فهذا الفرح ترياق، وذلك الفرح سم، فمن شرب الترياق لم يضره السم، وإنما صار سمًا لأنه
زينة وفرح من جنس النار وباب النار، وهو حظ
1 / 42