Riyad al-salihin

al-Nawawi d. 676 AH
16

Riyad al-salihin

رياض الصالحين

Investigator

ماهر ياسين الفحل

Publisher

دار ابن كثير للطباعة والنشر والتوزيع

Edition Number

الأولى

Publication Year

1428 AH

Publisher Location

دمشق وبيروت

Genres

Hadith
فَقَرَأْتُهُ فإِذَا فِيهِ: أَمَّا بَعْدُ، فإِنَّهُ قَدْ بَلَغَنا أنَّ صَاحِبَكَ قَدْ جَفَاكَ وَلَمْ يَجْعَلْكَ اللهُ بدَارِ هَوانٍ وَلاَ مَضْيَعَةٍ (١)، فَالْحَقْ بنَا نُوَاسِكَ، فَقُلْتُ حِينَ قَرَأْتُهَا: وَهَذِهِ أَيضًا مِنَ البَلاءِ، فَتَيَمَّمْتُ بهَا التَّنُّورَ فَسَجَرْتُهَا، حَتَّى إِذَا مَضَتْ أَرْبَعُونَ مِنَ الْخَمْسينَ وَاسْتَلْبَثَ الْوَحْيُ إِذَا رسولُ رسولِ الله ﷺ يَأتِيني، فَقالَ: إنَّ رسولَ الله ﷺ يَأمُرُكَ أَنْ تَعْتَزِلَ امْرَأتَكَ، فَقُلْتُ: أُطَلِّقُهَا أمْ مَاذَا أفْعَلُ؟ فَقالَ: لاَ، بَلِ اعْتَزِلْهَا فَلاَ تَقْرَبَنَّهَا، وَأَرْسَلَ إِلَى صَاحِبَيَّ بِمِثْلِ ذلِكَ. فَقُلْتُ لامْرَأتِي: الْحَقِي بِأهْلِكِ (٢) فَكُوني عِنْدَهُمْ حَتَّى يَقْضِيَ اللهُ في هَذَا الأمْرِ. فَجَاءتِ امْرَأةُ هِلاَلِ بْنِ أُمَيَّةَ رسولَ الله ﷺ فَقَالَتْ لَهُ: يَا رَسُولَ الله، إنَّ هِلاَلَ بْنَ أمَيَّةَ شَيْخٌ ضَائِعٌ لَيْسَ لَهُ خَادِمٌ، فَهَلْ تَكْرَهُ أَنْ أخْدُمَهُ؟ قَالَ: «لاَ، وَلَكِنْ لاَ يَقْرَبَنَّكِ» فَقَالَتْ: إِنَّهُ واللهِ ما بِهِ مِنْ حَرَكَةٍ إِلَى شَيْءٍ، وَوَالله مَا زَالَ يَبْكِي مُنْذُ كَانَ مِنْ أمْرِهِ مَا كَانَ إِلَى يَومِهِ هَذَا. فَقَالَ لي بَعْضُ أهْلِي: لَو اسْتَأْذَنْتَ رسولَ الله ﷺ في امْرَأَتِكَ فَقَدْ أَذِن لاِمْرَأةِ هلاَل بْنِ أمَيَّةَ أَنْ تَخْدُمَهُ؟ فَقُلْتُ: لاَ أسْتَأذِنُ فيها رسولَ الله ﷺ وَمَا يُدْرِيني مَاذَا يقُول رسولُ الله ﷺ إِذَا اسْتَأْذَنْتُهُ، وَأَنَا رَجُلٌ شَابٌ! فَلَبِثْتُ بِذَلِكَ عَشْرَ لَيَالٍ فَكَمُلَ (٣) لَنا خَمْسُونَ لَيْلَةً مِنْ حِينَ نُهِيَ عَنْ كَلاَمِنا، ثُمَّ صَلَّيْتُ صَلاَةَ الْفَجْرِ صَبَاحَ خَمْسِينَ لَيْلَةً عَلَى ظَهْرِ بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِنَا، فَبَيْنَا أَنَا جَالِسٌ عَلَى الْحالِ الَّتي ذَكَرَ الله تَعَالَى مِنَّا، قَدْ ضَاقَتْ عَلَيَّ نَفْسي وَضَاقَتْ عَلَيَّ الأرْضُ بِمَا رَحُبَتْ، سَمِعْتُ صَوْتَ صَارِخٍ أوفَى عَلَى سَلْعٍ (٤) يَقُولُ بِأعْلَى صَوتِهِ: يَا كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ أبْشِرْ، فَخَرَرْتُ سَاجِدًا (٥)، وَعَرَفْتُ أنَّهُ قَدْ جَاءَ فَرَجٌ. فآذَنَ رسولُ الله ﷺ النَّاسَ بِتَوْبَةِ الله ﷿ عَلَيْنَا حِينَ صَلَّى صَلاةَ الفَجْر فَذَهَبَ النَّاسُ يُبَشِّرُونَنَا، فَذَهَبَ قِبَلَ صَاحِبَيَّ مُبَشِّرونَ وَرَكَضَ رَجُلٌ إِلَيَّ فَرَسًا وَسَعَى سَاعٍ مِنْ أسْلَمَ قِبَلِي، وَأَوْفَى عَلَى الْجَبَلِ، فَكانَ الصَّوْتُ أسْرَعَ مِنَ الفَرَسِ، فَلَمَّا جَاءني الَّذِي

(١) فيها لغتان: كسر الضاد وإسكان الياء، وإسكان الضاد وفتح الياء. صحيح مسلم بشرح النووي ٩/ ٨٤ (٢٧٦٩). (٢) هذا دليل على أن هذا اللفظ ليس صريحًا في الطلاق، وإنما هو كناية، ولم ينو به الطلاق فلم يقع. صحيح مسلم بشرح النووي ٩/ ٨٤ (٢٧٦٩). (٣) كمل: بفتح الميم وضمّها وكسرها. شرح النووي ٩/ ٨٤. (٤) جبل بالمدينة معروف. (٥) فيه دليل للشافعي وموافقيه في استحباب سجود الشكر بكل نعمة ظاهرة حصلت أو نقمة ظاهرة اندفعت. شرح النووي ٩/ ٨٥ (٢٧٦٩).

1 / 20