٢١ - وعن عبدِ الله بن كعبِ بنِ مالكٍ، وكان قائِدَ كعبٍ ﵁ مِنْ بَنِيهِ حِينَ عمِيَ، قَالَ: سَمِعتُ كَعْبَ بنَ مالكٍ ﵁ يُحَدِّثُ بحَديثهِ حينَ تَخلَّفَ عن رسولِ اللهِ ﷺ في غَزْوَةِ تَبُوكَ. قَالَ كعبٌ: لَمْ أتَخَلَّفْ عَنْ رسولِ الله ﷺ في غَزْوَةٍ غزاها قط إلا في غزوة تَبُوكَ، غَيْرَ أنّي قَدْ تَخَلَّفْتُ في غَزْوَةِ بَدْرٍ، ولَمْ يُعَاتَبْ أَحَدٌ تَخَلَّفَ عَنْهُ؛ إِنَّمَا خَرَجَ رسولُ الله ﷺ والمُسْلِمُونَ يُريدُونَ عِيرَ (١) قُرَيْشٍ حَتَّى جَمَعَ الله تَعَالَى بَيْنَهُمْ وبَيْنَ عَدُوِّهمْ عَلَى غَيْر ميعادٍ. ولَقَدْ شَهِدْتُ مَعَ رسولِ الله ﷺ لَيلَةَ العَقَبَةِ حينَ تَوَاثَقْنَا عَلَى الإِسْلامِ، وما أُحِبُّ أنَّ لي بِهَا مَشْهَدَ بَدْرٍ، وإنْ كَانَتْ بدرٌ أذْكَرَ في النَّاسِ مِنْهَا.
وكانَ مِنْ خَبَري حينَ تَخَلَّفْتُ عَنْ رسولِ اللهِ ﷺ في غَزْوَةِ تَبُوكَ أنِّي لم أكُنْ قَطُّ أَقْوى ولا أَيْسَرَ مِنِّي حِينَ تَخَلَّفْتُ عنْهُ في تِلكَ الغَزْوَةِ، وَالله ما جَمَعْتُ قَبْلَهَا رَاحِلَتَيْنِ قَطُّ حَتَّى جَمَعْتُهُمَا في تِلْكَ الغَزْوَةِ وَلَمْ يَكُنْ رسولُ الله ﷺ يُريدُ غَزْوَةً إلاَّ وَرَّى (٢) بِغَيرِها حَتَّى كَانَتْ تلْكَ الغَزْوَةُ، فَغَزَاها رسولُ الله ﷺ في حَرٍّ شَديدٍ، واسْتَقْبَلَ سَفَرًا بَعِيدًا وَمَفَازًا، وَاستَقْبَلَ عَدَدًا كَثِيرًا، فَجَلَّى للْمُسْلِمينَ أمْرَهُمْ ليتَأهَّبُوا أُهْبَةَ غَزْوِهمْ فأَخْبرَهُمْ بوَجْهِهِمُ الَّذِي يُريدُ، والمُسلِمونَ مَعَ رسولِ الله كثيرٌ وَلاَ يَجْمَعُهُمْ كِتَابٌ حَافِظٌ «يُريدُ بذلِكَ الدّيوَانَ» (٣) قَالَ كَعْبٌ: فَقَلَّ رَجُلٌ يُريدُ أَنْ يَتَغَيَّبَ إلاَّ ظَنَّ أنَّ ذلِكَ سيخْفَى بِهِ ما لَمْ يَنْزِلْ فِيهِ وَحْيٌ مِنَ الله، وَغَزا رَسُول الله ﷺ تِلْكَ الغَزوَةَ حِينَ طَابَت الثِّمَارُ وَالظِّلالُ، فَأنَا إلَيْهَا أصْعَرُ (٤)، فَتَجَهَّزَ رسولُ الله ﷺ وَالمُسْلِمُونَ مَعَهُ وطَفِقْتُ أغْدُو لكَيْ أتَجَهَّزَ مَعَهُ،
_________
(١) العِير: الإبل بأحمالها. النهاية ٣/ ٣٢٩.
(٢) أي ستره وكنى عنه، وأوهم أنه يريد غيره. النهاية ٥/ ١٧٧.
(٣) الديوان: هو الدفتر الذي يكتب فيه أسماء الجيش وأهل العطاء، وأول من دوّن الدواوين عمر ﵁. (النهاية ٢/ ١٥٠).
(٤) أي أميل. (النهاية ٣/ ٣١).
1 / 17