22

Risalat Tawhid

رسالة التوحيد

Publisher

دار وحي القلم - دمشق

Edition Number

الأولى

Publication Year

٢٠٠٣ م

Publisher Location

سورية

الناس، كالسجود لأحد، والذبح باسمه، والنذر له، والاستغاثة به في الشدة، واعتقاد أنه حاضر ناظر في كل مكان، وإثبات قدرة التصرف له، وكل ذلك يثبت به الشرك، ويصبح الإنسان به مشركا، وإن كان يعتقد أن هذا الإنسان، أو الملك أو الجني الذي يسجد له، أو يذبح، أو ينذر له، أو يستغيث به، أقل من اللَّه شأنا، وأصغر منه مكانا، وأن اللَّه هو الخالق، وهذا عبده وخلقه، لا فرق في ذلك بين الأولياء والأنبياء، والجن والشياطين، والعفاريت، والجنيات، فمن عاملها هذه المعاملة كان مشركا، لذلك وصف اللَّه اليهود والنصارى، الذين غلوا في أحبارهم ورهبانهم، مثل ما غلا المشركون في آلهتهم بما وصف به عباد الأوثان والمشركين، وغضب على هؤلاء الغلاة المنحرفين، كما غضب على غلاة المشركين، فقال: ﴿اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ [التوبة: ٣١] . وقد ذكر أن جميع الخلق سواء كانوا علماء أو عبادا، حكاما أو ملوكا، كلهم عبيد خاضعون، عاجزون ضعفاء، لا يملكون موتا ولا حياة ولا نشورا، ولا يملكون إذا بعثهم اللَّه وطلبهم إلا أن يقفوا أمام ربهم خاضعين مستسلمين، طائعين منقادين، يقول اللَّه تعالى في سورة مريم: ﴿إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا﴾ ﴿لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا﴾ ﴿وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا﴾ [مريم: ٩٣ - ٩٥]، فظهر أنه هو المتصرف وحده، وأنه لا يملك أحدا غيره في ملكه،

1 / 55