Risalat Iblis
رسالة إبليس إلى إخوانه المناحيس
Genres
الباب الثامن الكلام في القرآن
فكرت وقلت: مدار أمورهم على القرآن، عليه يعتمدون وإلى آياته يرجعون ومنه يأخذون ويتلون { واعتصموا بحبل الله جميعا} ويروون عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم-: عليكم بالقرآن فإن فيه خبر ما قبلكم ونبأ ما بعدكم وحكم ما بينكم. وعلمت أني لو دعوتهم إلى رفض الكتاب أصلا ما تمشى لي أمر، فطلبت للكلام مجالا وأتيتهم حالا فحالا، استدرجهم من حيث لا يعلمون.
فألقيت إليهم أولا: أن ما في المصحف ليس بقرآن ولا كلام الله، وأن المكتوب والمسموع من القارئين والمتلو في المحاريب والمفصل من الآيات والسور ليس بقرآن، وإنما القرآن صفة قائمة بذات الباري لا يقرأ ولا يسمع، تنفيرا عما في المصحف. فأما انتم معاشر إخواني فقبلتم ذلك مني وجعلتم ذلك عمدة وأوصى به السلف الخلف. ورددتم على المعتزلة حيث خالفوكم وخالفوني وقالوا: كلام الله سور وآيات والقرآن متلو ومسموع ومكتوب ومحفوظ وأنه تعالى كلم موسى في وقته وكلم محمدا في حينه، وكيف يقول يا موسى: {.... الق عصاك....} وبعد لم يخلق موسى ولا العصا؟ وكيف يقول: { يا أيها المدثر * قم فأنذر } وبعد لم يخلق أحدا؟، وقالوا: كلام الله هو هذه السور والآيات وهو القرآن ولذلك قال الله تعالى: { إنا أنزلناه قرآنا عربيا} وقال تعالى: { ق * والقرآن المجيد }، وما قلتم فيه وما جئتم به من صفة الكلام فهو غير معقول. وكثر الكلام بينكم وبينهم حتى ظهر الحق، وعلمت أن هذا الباب لا يتمشى في المعتزلة.
Page 62