Risālat al-ulfat bayn al-muslimīn
رسالة الألفة بين المسلمين
Editor
عبد الفتاح أبو غدة
Publisher
دار البشائر الإسلامية
Edition
الأولى
Publication Year
1417 AH
Publisher Location
حلب
وقع الاختلاف في صفته، وكذلك الجهرُ بالبسملة والقنوت في الفجر وحجَّةُ الوَداع من أعظم وقائعه، وقد وقع الاختلافُ في نقلِها، وذكروا نحوَ هذه الأمور التي وقعت فيها الشبهةُ والنزاعُ عند بعض الناس، وجعلوا هذا مُعارضاً لما تقدم، ليُسوِّغوا أن يكون من أمور الدين ما لم يُنقَل بل كُتِمَ، لأهواءِ وأغراض.
وأما جهة الرأي والتنازع، فإنَّ تنازُعَ العلماء واختلافَهم في صفات العبادات بل وفي غير ذلك من أمور الدين، صار شُبهةً لكثير من أهل الأهواء من الرافضة وغيرِهم، وقالوا: إنَّ دين الله واحد، والحقُّ لا يكون في جهتين ﴿وَلَوْ كان مِنْ عِنْدٍ غيرِ الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً﴾(١)، فهذا التفرّقُ والاختلافُ دليلٌ على انتفاء الحق فيما عليه أهل السنّة والجماعة، ويعبرون عنهم بعبارات، تارة يسمونهم الجمهور، وتارة يسمونهم الحَشْوِيَّة، وتارة يسمونهم العامَّة، ثم صار أهلُ الأهواء - لمَّا جعلوا هذا مانعاً من كون الحق فيما عليه أهل السُّنَّةِ والجماعة - كلٌّ ينتحِلُ سبيلاً من سبل الشيطان، فالرافضةُ تنتحل النقل عن أهل البيت لما لا وجود له.
وأصلُ من وضع ذلك لهم الزنادقة، مثلُ رئيسهم الأول عبدِ الله بنِ سَبَأ(٢)، الذي ابتدَعَ لهم الرفض، ووضَعَ لهم أنَّ النبي صلَّى الله عليه وسلَّم
(١) من سورة النساء، الآية ٨٢.
(٢) قال الحافظ ابن عساكر رحمه الله تعالى، في ((تاريخ دمشق)): ((هو عبد الله بن سبأ الذي تُنْسَبُ إليه الطائفة السَّبئية، وهم الغُلاةُ من الرافضة، أصلُه من اليمن، وكان يهودياً من أَمَةٍ سوداء، وكان يقال له: ابنُ السوداء لسواد أُمُّه.
أظهر الإسلام وطاف بلاد المسلمين لِيَفْتِنَهم عن طاعة الأئمة، ويُلقي بينهم الشر، وبدأ أولاً بالحجاز ثم بالبصرة ثم بالكوفة، ثم دخل دمشق أيام عثمان بن عفان، فلم يقدر =
39