ويقول المقريزي (ت/٨٤٥هـ) بعد ما ذكر جملة أصول عقيدة الأشعري: "والأشعرية يسمون الصفاتية لإثباتهم صفات الله تعالى القديمة، ثم اختلفوا في الألفاظ الواردة في الكتاب والسنة كالاستواء والنزول والأصبع واليد والقدم والصورة والجنب والمجيء على فرقتين: فرقة تؤول جميع ذلك على وجوه محتملة اللفظ، وفرقة لم يتعرضوا للتأويل ولا صاروا إلى التشبيه ويقال لهؤلاء الأشعرية الأثرية"١.
ويقول محب الدين الخطيب: "أما الأشعرية أي المذهب المنسوب إليه في علم الكلام فكما أنه لا يمثل الأشعري في طور اعتزاله، فإنه ليس من الإنصاف أيضًا أن يلصق به فيما أراد أن يلقى الله عليه، بل هو مستمد من أقواله التي كان عليها في الطور الثاني، ثم عدل عن كثير منها في آخرته التي أتمها الله عليه بالحسنى"٢.
ويقول أئمة المستشرقين في العالم: "وإن منهج الأشعري في التدليل في عين القارئ الأوربي لا يختلف للنظرة الأولى عن منهج أتباع أحمد بن حنبل المغالين في المحافظة؛ ذلك أن كثيرًا من حججه يقوم على تفسير القرآن والحديث على أن السبب في ذلك كان مرجعه إلى أن خصومه أيضًا بما فيهم المعتزلة أنفسهم قد استعانوا بحجج من هذا القبيل، وأن الأشعري كان يعتمد دائمًا على مخاطبة عواطف المرء لا عقله، ومع ذلك فإن خصومه حين يسلمون بدليل عقلي صرف، فإن الأشعري كان لا يتردد في استخدامه في دحض أقوالهم وما إن تقرر جواز مثل هذه الحجج في نظر كثير من المتكلمين على الأقل، حتى استطاع الأشعرية أن ينموا هذا الجانب من منهجه، وانتهى الأمر في القرون المتأخرة بأن أصبح الكلام عقليًا تمامًا، على أن هذا كان بعيدًا أشد البعد من مزاج الأشعري نفسه"٣. ثم استمروا يوضحون هذه الحقيقة إلى أن قالوا: "وختامًا يجوز لنا أن نقول: إن المذهب قد اختفى في وهج من الفلسفة"٤.
ويقول الدكتور حمودة غرابة: "أما مذهب الأشعري نفسه فقد مزجه أغلب أتباعه بآرائهم، ومن حاول منهم كالشهرستاني أن يضعه في صورة خاصة تميزه عن رأي تلامذته، فإنه لم يسلم من الخطأ في هذا التصوير مما كان له أسوأ الأثر في تكوين فكرة خاطئة عن هذا المذهب في نفس قارئه ومن تعرض لذلك"٥.
_________
١ الخطط للمقريزي ٣/٣١٠.
٢ انظر: تعليقه على المنتقى من منهاج الاعتدال ص٤٣.
٣ انظر: دائرة المعارف الإسلامية ٣/٤٣٤، ٤٣٥.
٤ انظر: دائرة المعارف الإسلامية ٣/٤٣٨، ٤٣٩.
٥ انظر كتابه: الأشعري أبو الحسن ص٤ مطبعة الرسالة – القاهرة.
1 / 44