له سبق، ولا من نطفة، ولا نقل من الأصلاب إلى الأرحام، كما نقل ذريته من الأصلاب إلى الأرحام"١.
وهكذا نجد أتباع الأشعري والمنتسبين إليه يضعون مذهبًا لأنفسهم بعيدًا كل البعد عن عقيدة الأشعري التي لقي الله عليها فأولوا الصفات التي أثبتها الأشعري لله ﷿، وتلقى الناس عنهم ذلك على أنه مذهب الأشعري وقد سار في هذا المنوال جميع المتأخرين المنتسبين إليه بلا استثناء كالفخر الرازي والنسفي وابن عاشر والباجوري وغيرهما كثير، بل إن كثيرًا من الجامعات الإسلامية اليوم تدرس هذا المذهب الباطل المنسوب إلى الأشعري على أنه مذهب الأشعري، والأشعري منه بريء، كما يلاحظ أنهم يطلقون على هذا المذهب مذهب أهل السنة والجماعة باعتبار أنه منسوب لإمام أهل السنة والجماعة وهو الأشعري وكل ذلك زعم باطل وقول غير سديد.
ولولا الرغبة في الاختصار لعرضت لأمثلة كثيرة من هذا النوع، ولكني أكتفي بما سبقت الإشارة إليه كدليل واضح لما أردت الوصول إليه من حقيقة وهي: أن بين الأشعري والأشاعرة فجوة كبيرة، أحدثها المنتسبون إليه بخروجهم عن عقيدته، وهذا ضياع للحقيقة وهدم لمكانة الأشعري السلفية التي رجع إليها بانتسابه إلى الإمام أحمد كما أوضحت سابقًا.
ولقد تبين لكثير من العلماء والباحثين مدى مخالفة الأشاعرة لإمامهم الأشعري فنصوا على ذلك في كتبهم وسأسوق هاهنا بعضًا مما وقفت عليه من ذلك تأكيدًا لهذه الحقيقة، وأسأل الله جل ذكره أن يكون فيما أكتب مفتاحًا لطلاب الحق حتى يصلوا إليه.
يقول ابن تيمية وهو بصدد الكلام على أتباع الأشعري: "...ولم يكن الأشعري وأئمة أصحابه على هذا، بل كانوا موافقين لسائر أهل السنة في وجوب تصديق ما جاء به الشرع مطلقًا، والقدح فيما يعارضه، ولم يكونوا يقولون: الأدلة السمعية، لا تفيد اليقين، بل كل هذا مما أحدثه المتأخرون الذين مالوا إلى الاعتزال والفلسفة من أتباعهم"٢.
وهذا ينطبق على الأشعري بعد رجوعه إلى مذهب السلف وترك الاعتزال والعقيدة الكلابية التي كان عليهما فترة من الزمن.
_________
١ انظر: أصول الدين ص١١١.
٢ موافقة صريح المعقول لصحيح المنقول ٢/٨، ٩.
1 / 43