ثم قال على النسق:
فأصبحت مولاها. من غير خلط للأمة بذكر قريش أو غيرها، مما يصح أن يكنى ب " الهاء " عنه.
فكيف يمكن تأويلك على ما تأولت مع أنه لو كان على ما ذهبت إليه، لخرج الكلام من حد المدح المخصص أو تناقض في اللفظ، ودل على فساد الغرض، وذلك أن نصرة الأمة لم تكن مقصورة عليه دون غيره كما ليست مقصورة على سائر الأئمة دون جماعة المسلمين، بل قصرها على مذهبك يجب أن يكون على غير الإمام من العاقدين له، لأنها بعقدهم يثبت، وباختيارهم يصح، مع كونهم من وراء الإمام، لتأديبه عند الغلط، وتقويمه عند الاعوجاج والزلل.
فكان لا يبين منهم مما خصه به من المدح، بل يكون الخاص له بذلك سفيها في قصده، جاهلا في غرضه مع استحالة قوله: " فأصبحت مولاها " مبينا له ذلك بعد العقد دون ما قبله، وهو على ما ذهبت إليه عنى أمرا قد كان حاصلا له لا محالة عند الخلق قبل العقد من النصرة التي يشترك فيها جميع أهل الإسلام، وهذا باب يكشف عن صحة القول فيه تأمل شعر المادح، ويستدل على أغراضه، ويعرف به حقيقة ما قلناه عند الإنصاف دون ما تأولت.
فأما اعتذارك في شعر الكميت بذكر عقده، وجواز الغلط في العقد، فإنه من أعجب شئ، وذلك أن عقده في معنى اللفظ لم يكن من طريق العقول ولا القياس، فتجيز عليه الغلط فيه، وإنما كان من جهة اللغة إذ كانت معاني الألفاظ لا يرجع أحد من أهل العقل في عبارتها المستحقة لها إلى غير اللسان، فلو جاز أن يتوهم على الكميت أن يغلط في اعتقاده معنى لفظ " المولى " حتى يجعله عند نفسه ما لم يجعله عربي قبله قط
Page 23