وكما نرى في قصة أبيجائيل
15
وخطابه من استعمال الله للأتقياء وسائل لتحقيق تقواه واستعماله للفجرة وسائل يصب عليها جام غضبه. وقد ثبت هذا أيضا بوضوح تام بما حدث لميخا كما ذكرنا الآن. فعندما شاء الله بالفعل أن يخدع أخآب بأنبياء لم يستخدم لذلك إلا أنبياء كذبة وأوحى للرجل التقي بحقيقة الأمر، دون أن يمنعه من التنبؤ بالحقيقة. ومع ذلك فإن يقين النبي، كما قلت، يقين خلقي فحسب، لأنه لا يمكن لأي فرد أن يبرر نفسه أمام الله وأن يدعي أنه وسيلة لتحقيق تقواه، فهذا ما يؤيده الكتاب، بل هو أمر واضح بذاته. فقد أغوى غضب الله داود، الذي شهد له الكتاب بالتقوى مئات المرات، على أن يحصي الشعب.
16
إن اليقين النبوي كله يقوم على هذه الأسس الثلاثة: (1)
تخيل الأنبياء للأشياء الموحى بها كأنها ماثلة أمامهم كما يحدث لنا عادة في حالة اليقظة عندما نتأثر بالأشياء . (2)
الآية. (3)
ميل قلوبهم إلى العدل والخير، وهذا أهم شيء. ومع أن الكتاب لا يذكر الآية دائما، فيجب أن نعتقد أن كل نبي كانت له آية. فالواقع أن الكتاب (كما لحظ الكثيرون من قبل) لا يذكر في الرواية عادة جميع الظروف والملابسات، بل يفترض أن الأمور معروفة من قبل. وكذلك يمكننا أن نسلم بأن الأنبياء الذين لم يتنبأوا بشيء جديد،
17
بل اقتصروا على التنبؤ بما هو معروف من قبل في شريعة موسى، لم يكونوا يحتاجون إلى آية، لأن نبوءاتهم كانت مؤيدة بالشريعة. فمثلا كانت نبوة إرميا بخصوص هدم القدس متفقة مع نبوات الأنبياء السابقين ووعيد الشريعة، فلم تكن في حاجة إلى آية. أما حنينيا
Unknown page