فلينظر باب الحسبة في " الأحكام السلطانية" للقاضي أبي الحسن الماوردي ﵀؛ وهذا قيده على طريق التقية. ولا تعرف الأشياء إلا عند الوقوع والنزول، مع طول المدة، والاستمرار، وقوة العزيمة والبحث، والنصيحة للمسلمين، وتفقد الأسواق حينا بعد حين.
ويجب على ولي الحسبة ألا يهمل أحوال الباعة، أو يوكل أمرهم إلى من لا ترضي حالته، بل يتفقد أحوال حاشيته وبطانته، ويجتهد في ذلك جهد غايته، لئلا يغتال في أحكامه بالتلبيس عليه، وقبول الرشى، وغير ذلك؛ فيختل عليه النظام، ويهون أمره عند الإمام، لتسرع الباعة إلى الفساد، وارتكابهم للنهي والعناد. ومهما غير سعر لأحد بغشه أو رداءته، نصب عليه علما يعرف به ليرتفع
الإيهام، وتظهر فائدة الإحكام، إما بخلط ما يمكن خلطه إن كان خلطا خفيفا، أو كسر ما يجب كسره أو إراقته، لتكون عقوبته في الأموال أو التصدق به. وقد نقل ابن سهل في " أحكامه " أن رجلا احتسب على الجزارين بسوء أعمالهم، فأرادوا إخراجه من السوق. قال ابن عتاب: لا سبيل لهم إليه، والمعترض له أولى منه بالإخراج، وأن تخرق أعمالهم الفاسدة بغشهم بها. واستحلالهم أموال المسلمين فيها؛ وقاله ابن القطان. وأفتى ابن القطان أيضا في الملاحف الردية النسج بالإحراق بالنار، وأفتى ابن عقاب بتقطيعها خرقًا وإعطائها للمساكين، إذا تقدم إلى المتعلمين معلمهم، فلم ينتهوا وكان لهم من الملاحف سعتها وخفة نسجها، وأفتى ابن عتاب في الخبز المغشوش أو الناقص أن يكسر ويتصدق به. وفي سماع ابن القاسم: يتصدق باللبن المغشوش،
1 / 125