فصل:
إذا تبين هذا تبين أن ما جاء به الرسول ﷺ هو الحق الذي يدل عليه المعقول، وأن أولى الناس بالحق أتبعهم له وأعظمهم له موافقة، وهم سلف الأمة وأئمتها الذين أثبتوا ما دل عليه الكتاب والسنة من الصفات، ونزهوه عن مماثلة المخلوقات، فإن الحياة والعلم والقدرة والسمع والبصر والكلام صفات كمال ممكنة بالضرورة ولا نقص فيها، فإن ما اتصف بهذه فهو أكمل مما لا يتصف بها، والنقص في انتفائها لا في ثبوتها.
والقابل للاتصاف بها كالحيوان أكمل ممن لا يقبل الاتصاف بها كالجماد.
و" أهل الإثبات " يقولون " للنفاة " لو لم يتصف بهذه الصفات لاتصف بأضدادها من الجهل والبكم والعمي والصمم، فقال لهم " النفاة " هذا الصفات متقابلة تقابل العدم والملكة لا تقابل السلب والإيجاب، والمتقابلات تقابل العدم والملكة إنما يلزم من انتفاء أحدهما ثبوت الآخر إذا كان المحل قابلا لهما، كالحيوان الذي لا يخلو إما أن يكون أعمى وإما أن يكون بصيرا، لأنه قابل لهما بخلاف الجماد فإنه لا يوصف لا بهذا ولا بهذا.
1 / 34