8

Riqqa Wa Buka

الرقة والبكاء لابن قدامة

Investigator

محمد خير رمضان يوسف

Publisher

دار القلم،دمشق،الدار الشامية

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤١٥ هـ - ١٩٩٤ م

Publisher Location

بيروت

ثُمَّ قَالَ: إِنَّ الدُّنْيَا قَدِ ارْتَحَلَتْ مُدْبِرَةً، وَإِنَّ الآخِرَةَ مُقْبِلَةٌ، وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا بَنُونَ، فَكُونُوا مَنْ أَبْنَاءِ الآخِرَةِ، وَلا تَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الدُّنْيَا، أَلا وَإِنَّ الزَّاهِدِينَ فِي الدُّنْيَا اتَّخَذُوا الأَرْضَ بِسَاطًا، وَالتُّرَابَ فِرَاشًا، وَالْمَاءَ طِيبًا، أَلا مَنِ اشْتَاقَ إِلَى الْجَنَّةِ سَلا عَنِ الشَّهَوَاتِ، وَمَنْ أَشْفَقَ مِنَ النَّارِ رَجَعَ عَنِ الْحُرُمَاتِ، وَمَنْ زَهِدَ فِي الدُّنْيَا هَانَتْ عَلَيْهِ الْمُصِيبَاتُ، أَلا إِنَّ لِلَّهِ عِبَادًا كَمَنْ رَأَى أَهْلَ الْجَنَّةِ فِي الْجَنَّةِ مُخَلَّدِينَ، وَأَهْلَ النَّارِ فِي النَّارِ مُعَذَّبِينَ، شُرُورُهُمْ مَأْمُونَةٌ، وَقُلُوبُهُمْ مَحْزُونَةٌ، وَأَنْفُسُهُمْ عَفِيفَةٌ، وَحَوَائِجُهُمْ خَفِيفَةٌ، صَبَرُوا أَيَّامًا قَلِيلَةً لِعُقْبَى رَاحَةٍ طَوِيلَةٍ، أَمَّا اللَّيْلُ فَصَافُّونَ أَقْدَامَهُمْ، تَجْرِي دُمُوعُهُمْ عَلَى خُدُودِهِمْ، يَجْأَرُونَ إِلَى رَبِّهِمْ: رَبَّنَا رَبَّنَا، يَطْلُبُونَ فِكَاكَ رِقَابِهِمْ، وَأَمَّا النَّهَارُ فَعُلَمَاءٌ، حُلَمَاءٌ، بَرَرَةٌ، أَتْقِيَاءٌ، كَأَنَّهُمُ الْقِدَاحُ، يَنْظُرُ النَّاظِرُ، فَيَقُولُ: مَرْضَى، وَمَا بِالْقَوْمِ مِنْ مَرَضٍ! وَخُولِطُوا، وَلَقَدْ خَالَطَ الْقَوْمَ أَمْرٌ عَظِيمٌ " أَخْبَرَنَا أَبُو طَالِبٍ الْمُبَارَكُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خُضَيْرٍ الصَّيْرَفِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو غَالِبٍ شُجَاعُ بْنُ فَارِسٍ الذُّهْلِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْخَيَّاطُ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ دُوَسْتَ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ

1 / 50