قَوْسٍ وَاحِدَةٍ؟ فَقَوْمُهُ أَعْلَمُ بِهِ، لَوْ أَنِسُوا مِنْهُ خَيْرًا كَانُوا أَسْعَدَ بِهِ، فَأَلْحِقُوهُ بِقَوْمِهِ، تَعْمِدُونَ إِلَى دَحِيقِ قَوْمٍ قَدْ نَفَاهُ قَوْمُهُ وَطَرَدُوهُ، فَتُئْونَهُ وَتَنْصُرُونَهُ؟ فَبِئْسَ الرَّأْيَ رَأَيْتُمْ، ثُمَّ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ: قُمْ فَالْحَقْ بِقَوْمِكَ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فَيَرْكَبُ نَاقَتَهُ، فَيَغْمِزُهَا بَيْحَرَةُ فِي خَاصِرَتِهَا بِعَنَزَةٍ مَعَهُ، فَقَمَصَتْ بِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَضُبَاعَةُ بِنْتُ عَامِرِ بْنِ قُرْطِ بْنِ سَلَمَةَ بْنِ قُشَيْرٍ هُنَاكَ، فَلَمَّا رَأَتْ مَا صَنَعَ بِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ قَالَتْ: يَا لَعَامِرٍ! أَلا أَرَى رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يُنْفَرُ بِهِ وَلا أَسْتَطِيعُ لَهُ مَنَعَةً؟ قَالَ: فَوَثَبَ ثَلاثَةٌ مِنْ بَنِي عَمِّهَا إِلَى ثَلاثَةٍ مِمَّنْ نُفِّرَ بِهِ، فَصَرَعَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ رَجُلا، ثُمَّ عَلِقُوا وُجُوهَهُمْ لَطْمًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى هَؤُلاءِ، وَالْعَنْ هَؤُلاءِ»، فَالْمَلْعُونُونَ: بَيْحَرَةُ بْنُ فِرَاسٍ، وَحِرْزُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنَ سَلَمَةَ بْنِ قُشَيْرٍ، وَأَبُو حَرْبِ بْنِ مُعَاوِيَةَ أَحَدُ بَنِي عَقِيلٍ: مَاتُوا كُلُّهُمْ لَعْنًا، وَأَمَّا الَّذِينَ نَصَرُوهُ: فَغُطَيْفٍ، وَغَطْفَانُ ابْنَا سُهَيْلٍ، وَعُرْوَةُ، أَوْ عَزْرَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَمَةَ: مَاتُوا كُلُّهُمْ شُهَدَاءَ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ: وَفَشَا الإِسْلامُ، وَاتَّبَعَهُ رِجَالٌ مِنْ قَوْمِهِ وَغَيْرِهِمْ، عَلَى خَوْفٍ مِنْ قَوْمِهِمْ، يَسْمَعُونَ الأَذَى، وَيُسْتَهْزَأُ بِهِمْ فِي كُلِّ نَادٍ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَتَعَرَّضُ لِلْعَرَبِ فِي كُلِّ مَوْسِمٍ، يَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ، وَيُخْبِرُهُمْ أَنَّهُ نَبِيٌّ مُرْسَلٌ، وَيَسْتَنْصِرُهُمْ لِيَمْنَعُوا لَهُ ظَهْرَهُ، حَتَّى يُنَفِّذَ عَنِ اللَّهِ مَا بَعَثَهُ بِهِ.
1 / 117