34

Riqqa Wa Buka

الرقة والبكاء لابن قدامة

Investigator

محمد خير رمضان يوسف

Publisher

دار القلم،دمشق،الدار الشامية

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤١٥ هـ - ١٩٩٤ م

Publisher Location

بيروت

أَحْمَدَ بْنِ الْبَرَاءِ بْنِ مُبَارَكٍ الْعَبْدِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمُنْعِمِ بْنُ إِدْرِيسَ بْنِ سِنَانٍ، أخبرنا وَالِدِي، عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ: " أَنَّهُ كَانَ مِنْ حَدِيثِ أَيُّوبَ أَنَّهُ كَانَ رَجُلا مِنَ الرُّومِ، وَكَانَ اللَّهُ تَعَالَى قَدِ اصْطَفَاهُ وَنَبَّأَهُ وَابْتَلَاهُ بِالْغِنَى وَكَثْرَةِ الْمَالِ وَالْوَلَدِ، وَبَسَطَ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا، وَوَسَّعَ عَلَيْهِ فِي الرِّزْقِ، وَكَانَتْ لَهُ الْبَثَنِيَّةُ مِنَ أَرْضِ الشَّامِ، أَعْلَاهَا وَأَسْفَلُهَا، وَكَانَ لَهُ مِنْ أَصْنَافِ الْمَالِ كُلِّهِ، وَكَانَ بَرًّا تَقِيًّا، رَحِيمًا بِالْمَسَاكِينِ يُطْعِمُهُمْ، وَيَحْمِلُ الأَرَامِلَ، وَيَكْفُلُ الأَيْتَامَ، وَيُكْرِمُ الضَّيْفَ، وَيُبَلِّغُ ابْنَ السَّبِيلِ، وَكَانَ شَاكِرًا لِنِعَمِ اللَّهِ، مُؤَدِّيًا لِحَقِّهِ، وَكَانَ مَعَهُ ثَلاثَةُ نَفَرٍ قَدْ آمَنُوا بِهِ وَصَدَّقُوهُ، وَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى ابْتَلَاهُ فِي مَالِهِ وَوَلَدِهِ وَنَفْسِهِ رَحْمَةً لَهُ لِيُعْظِمَ لَهُ الثَّوَابَ مِمَّا يُصِيبُهُ مِنَ الْبَلاءِ، عَبْرَةً لِلصَّابِرِينَ، وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ، فسُلِّطَ عَلَيْهِ عَدُوُّ اللَّهِ إِبْلِيسُ، فَجَمَعَ عَفَارِيتَهُ وَقَالَ: إِنِّي قَدْ سُلِّطْتُ عَلَى مَالِ أَيُّوبَ وَأَهْلِهِ، فَمَاذَا عِنْدَكُمْ؟ فَقَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ: أَكُونُ إِعْصَارًا فِيهِ نَارٌ فَلا أَمُرُّ بِشَيْءٍ إِلا أَحْرَقْتُهُ، قَالَ: أَنْتَ وَذَاكَ، فَخَرَجَ حَتَّى أَتَى إِبِلَهُ، فَأَحْرَقَهَا وَرُعَاتَهَا، وَجَاءَ عَدُوُّ اللَّهِ إِبْلِيسُ مُتَمَثِّلا بِقَهْرَمَانِ الرُّعَاةِ، وَأَيُّوبُ فِي مُصَلاهُ يُصَلِّي، فَقَالَ: أَيَا أَيُّوبُ أَقْبَلَتْ نَارٌ حَتَّى غَشِيَتْ إبِلَكَ فَأَحْرَقَتْهَا وَمَنْ فِيهَا غَيْرِي، فَجِئْتُكَ أُخْبِرُكَ، فَقَالَ أَيُّوبُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هُوَ أَعْطَاهَا وَهُوَ أَخَذَهَا، الَّذِي أَخْرَجَكَ مِنْهَا كَمَا يُخْرَجُ الزُّؤَانُ مِنَ الْقَمْحِ، وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيكَ خَيْرًا لَذَهَبَ بِكَ مَعَ تِلْكَ الأَنْفُسِ.

1 / 76