17

Riqqa Wa Buka

الرقة والبكاء لابن قدامة

Investigator

محمد خير رمضان يوسف

Publisher

دار القلم،دمشق،الدار الشامية

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤١٥ هـ - ١٩٩٤ م

Publisher Location

بيروت

لِي أَنْ أَجْتَبِرُ هَذِهِ الْبَلِيَّةَ وَالْمُصِيبَةَ يَا إِلَهِي؟ . قَالَ اللَّهُ لَهُ: أَلَمْ أَصْطَفِكَ لِنَفْسِي، وَأَحْلَلْتُكَ دَارِي، وَاصْطَفَيْتُكَ عَلَى خَلْقِي، وَتَخَصَّصْتُكَ بِكَرَامَتِي، وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّتِي، وَحَذَّرْتُكَ سَخَطِي؟ أَلَمْ أُبَاشِرْكَ بِيَدِي، وَأَنْفُخْ فِيكَ مِنْ رَوْحِي، وَأُسْجِدْ لَكَ مَلَائِكَتِي؟ أَلَمْ تَكُنْ جَارِي فِي بُحْبُوحَةِ كَرَامَتِي، تَتَبَوَّأُ فِي بُحْبُوحَةِ جَنَّتِي حَيْثُ تَشَاءُ مِنْ كَرَامَتِي، فَعَصَيْتَ أَمْرِي، وَنَسِيتَ عَهْدِي، وَضَيَّعْتَ وَصِيَّتِي؟ فَكَيْفَ تَسْتَنْكِرُ نِقْمَتِي؟ فَوَعِزَّتِي وَجَلالِي، لَوْ مَلَأْتُ الأَرْضَ رِجَالًا، كُلَّهُمْ مِثْلَكَ يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لا يَفْتُرُونَ، ثُمَّ عَصَوْنِي، لأَنْزَلْتُهُمْ مَنَازِلَ الْعَاصِينَ، وَإِنِّي قَدْ رَحِمْتُ ضَعْفَكَ، وَأقَلْتُكَ عَثْرَتَكَ، وَقَبِلْتُ تَوْبَتَكَ، وَسمعت تَضَرُّعَكَ، وَغَفَرْتُ ذَنْبَكَ، فَقُلْ لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، ظَلَمْتُ نَفْسِي، وَعَلِمْتُ السُّوءَ، فتُبْ عَلِيَّ، إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ، فَقَالَهَا آدَمُ، ثُمَّ قَالَ لَهُ رَبُّهُ: قُلْ: لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ، سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، ظَلَمْتُ نَفْسِي، وَعَمِلْتُ السُّوءَ فَاغْفِرْ لِي، إِنَّكَ أَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ. فَقَالَ آدَمُ، ثُمَّ قَالَ لَهُ رَبُّهُ: قُلْ: لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ، سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمِّدَك، ظَلَمْتُ نَفْسِي، وَعَمِلْتُ السُّوءَ فَارْحَمْنِي، إِنَّكَ أَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ. قَالَ: وَكَانَ آدَمُ قَدِ اشْتَدَّ بُكَاؤُهُ وَحُزْنُهُ لَمَّا كَانَ مِنْ عِظَمِ مُصِيبَتِهِ، حَتَّى أَنْ كَانَتِ الْمَلَائِكَةُ لَتَحْزُنُ لِحُزْنِهِ، وَتَبْكِي لِبُكَائِهِ، فَبَكَى عَلَى الْجَنَّةِ، مِائَتَيْ سَنَةٍ، فَبَعَثَ اللَّهُ إِلَيْهِ بِخَيْمَةٍ مِنْ خِيَامِ الْجَنَّةِ، فَوَضَعَهَا لَهُ فِي مَوْضِعِ الْكَعْبَةِ قَبْلَ أَنْ تَكُونَ الْكَعْبَةُ "،

1 / 59