الملحق السابع
وقد جاء إلى المؤلف من حضرة صاحب العطوفة قره تيودوري أفندي سفير الدولة العلية في بروسل عاصمة البلجيكا في 12 نوفمبر الماضي ما تعريبه:
عزتلو عزيزي:
لا شك أنك لا تستغرب عندما تعلم بأن تصنيفك الذي أظهرت فيه البراعة، وراعيت فيه جانب الذمة قد حاز ما يحق له من القبول التام عند كل من يهتم بهذه المسألة الخطيرة التي شغل الناس بالجدال فيها الآن.
أما أنا فقد درسته درسا مدققا، وإني أبادر ببثك آيات التهاني الفائقة الصادرة من صميم الفؤاد، ومما جعلني مبتهجا مسرورا من تلاوته أن القواعد والأصول التي دافعت عنها بنفسي أثناء المناقشة التي وقعت لي شخصيا مع الكردينال لافيجري وفي نفس المؤتمر الذي عقد أخيرا في بروسل - قد صادفت في كتابك تأييدا وتعضيدا مع الآيات البينات والحجج الدامغات والشواهد التي لا تعارض والبراهين التي لا تناقض، فإن هذه الدلائل غير داخلة في معلوماتي عن الديانة الإسلامية، لأن معلوماتي هذه هي بالطبع والضرورة غير مستكملة، وقد كان في هذه الدلائل دحض لجميع المطاعن الصادرة لا عن حق ولا يقين مع مناقضتها (أي المطاعن) للدين المسيحي نفسه تمام المناقضة، ولو أن القائم بها هو من أمراء الكنيسة، وقد تابعه أشياعه من غير ما روية ولا إمعان، فقذفوا بها على ديانة يجهلون أصولها وقواعدها، وأنت تعلم أنهم من بعد ذلك التزموا بتعديل خطتهم وتقليل وطأتهم، وهذا أحسن ما يجب عليهم.
وإني لمسرور لعلمي بأنك مشتغل بتصنيف كتاب واف في هذا الموضوع، وأنتظره بفروغ صبر، لأن فتاوى العلماء والقضاة والدلائل الأخرى التي قلت بأنك ستوردها فيه يكون بها سد لأفواه أولئك الذين يدعون بخدمة الله والكنيسة، ويجعلون مصالحهم وفوائدهم فوق ذلك كله، وأنا على يقين من أنه لا تقوم لهم بعد ذلك قائمة، ولا يبدون أدنى اعتراض، وإني أكون لك شاكرا إذا تفضلت بإتحافي بنسخة من بعد طبعه، ولا شك أن ذلك يكون قريبا إن شاء الله، وإني أشكرك على ذلك مقدما من جميع جوارحي.
وقبل أن أختم هذا الكتاب يلزمني أن أحيطك علما بأني قد اطلعت باهتمام زائد على محاضر الجمعية الجغرافية الخديوية التي تكرمت بإرسالها إلي، وخصوصا كتابك الذي بعثت به إلى جريدة الأچيبسيان غازت، فهو لا يصح الجدال فيه مطلقا، وأذكر لك من هذا القبيل أمرا قد وقع لي، وهو أن الحكومة البرتغالية قدمت مذكرة على (إلغاء الاسترقاق والنخاسة في الأراضي البرتغالية)، وقد جاء فيها من الأغلاط الفاضحة والأوهام الفاحشة أنه «مع احتلال الإنكليز القطر المصري فما زال به سوق للأرقاء، وفيه يشتري الوالي نفسه وأكابر البلاد وأغنياؤها الأرقاء الذكور لتشغيلهم في أعمال الفلاحة، والطواشية لحراستهم، والإماء لحريمهم» (فتعجب)، ولكني أبطلت ذلك ودحضته بالحجج والبراهين حتى ذهبت أمثال هذه الأقوال أدراج الرياح، بحيث إن هذه الجملة قد أسقطت هي وما يماثلها تلقاء احتجاجي الذي مزجت فيه بين الشدة والحق، فلم يظهر لها أثر في المجموعة النهائية المتضمنة أعمال المؤتمر، وهذا أمر محتم علي تحتيما لا مناص لي من القيام به، وقد أديته وفزت في ذلك بالسعادة، وإني لأكون ممتنا شاكرا إذا سنحت الفرصة فبلغت هذه الأحوال المسامع الخديوية العلية.
ثم إني أكرر عليك الشكر والثناء على ما تكرمت به من إرسال كتابك الجليل ... إلخ.
الملحق الثامن
لا يخفى أن القرآن الشريف قد ترجم إلى أغلب اللغات الإفرنكية كلها، بل إن له في بعضها ترجمتين، وقد اتفقوا على أن أحسن ترجمة بالنسبة لبقية التراجم هي الترجمة الإنكليزية ثم الفرنساوية، ولبعضه في الألمانية ترجمة منظومة بالشعر، أقول: وقد استخدم الموسيو لابوم أحد علماء فرنسا الترجمة الفرنساوية التي عني بها الموسيو كازمرسكي، فرتب القرآن على نمط منطقي بحسب المواضيع، خلاف الترتيب المعهود، فجعل جميع الآيات التي لها صلة وارتباط ببعضها في باب واحد، مثال ذلك: جميع أحكام التوحيد وكل ما يتعلق به تراها بعددها وعدد سورها في المصحف في الباب الذي عنوانه (التوحيد)، ومثلها كل ما يتعلق بالكرم والمروءة والقتال والديانات والقصص والطلاق والميراث والمعاملات وغير ذلك.
Unknown page