كان «علي يوسف» يرتجل صناعته الصحفية في كل شيء: في التقاط الأخبار، وفي جمع الآراء، وفي تحرير المقالات، وفي سياسة الجمهور وسياسة ولاة الأمور.
وظهر من قضية «التلغرافات» التي سيق من أجلها إلى القضاء أنه كان يستطلع أخبار الحملة على السودان قبل وصولها إلى ديوان الوزارة؛ لأنه كان على صلة بموظف المكتب الذي يتلقاها، ولم يكن أحد يعرف «الواسطة» التي تحمل النبأ من مكتب البرق إلى مكتب التحرير.
وكانت تعبئة الآراء قبل هذا الجيل لازمة وعسيرة في وقت واحد، بل كانت إدارتها كلها مجهولة، يخترعها كل صاحب صحيفة على سنته في اختراع هذه الأدوات المرتجلة.
أما «علي يوسف» فقد كادت وسيلته لتعبئة الآراء أن تكون شخصية بينه وبين نفسه وصحبه، ومن يرجع إليهم في حياته الخاصة أو يرجعون إليه.
فلما اتهم اللورد كرومر هذه الأمة بالتعصب الديني وعداوة الجانب، جمع الشيخ «علي يوسف» نماذج الآراء التي تدفع هذه التهمة عن كل صاحب صفة ترشحه لإبداء الرأي فيها.
فقال الخواجة ميماراكي اليوناني: «أشهد أنني ما شعرت قط في معاملاتي مع المصريين بأنني أعامل أناسا يخالفونني في العقيدة.»
وقال الفرنسي وكيل مصرف الكريدي ليونيه الفرنسي: «إننا لا نشعر بهذا التعصب الذي اتهمت به الأمة المصرية، اللهم إلا إذا كان التعصب موجودا في غير الدائرة التي إليها معاملاتنا.»
وقال شكور باشا الإداري اللبناني: «إنني أفضل أن أمشي وحدي ليلا في جهات السيدة زينب والنحاسين، على أن أمشي وحدي ليلا في جهات مونمارتر بضواحي باريس.»
وقال إسكندر عمون المحامي: «إن المصري أكثر إكراما للغريب من سائر الشعوب.»
وقال باسيلي تادرس باشا: «لا صحة لما يقال من وجود التعصب الديني أو الجنسي في مصر.»
Unknown page