126

وقد يؤجر «فؤاد الصاعقة» على التحرش بالأدباء والكتاب ممن لا مال ولا جاه، فيعرف قراء «الصاعقة» ذلك كلما طلعت لهم الصحيفة بفصل من فصول الكاتب المغضوب عليه، يتبعه تهديد للمشتركين المتخلفين بمواصلة النشر والإعادة من أمثال هذه الفصول!

وربما أخذ التوقيع الذي يوقع به الكاتب مقالاته فترجمه من عنده على هواه؛ فتوقيع «ك. ك» هو توقيع «كامل كيلاني» بالحرفين الأولين من اسمه، ولكنه عند «فؤاد الصاعقة» إما «كلب كلب»، وإما «كاهن كذاب»!

ولم تبلغ الجرأة بأحد مبلغ هذا «الأدباتي السروجي» في مخاطبة الأمراء والرؤساء؛ فقد انقطعت عنه المعونة الشهرية من ديوان المعية الخديوية، فكتب إلى الأمير مباشرة خطابا يقول فيه: إن كان بعضهم يظفر بعطايا الأمير لأنه ينظم فهو حقيق بهذه العطايا لأنه ينثر، وإن كان لعيب من العيوب، فهو - أي «فؤاد الصاعقة» - يضم إزاره بحمد الله على تلك العيوب، وعلى شر منها، وزيادة عليها، ثم يمضي في تعداد عيوبه غير مقتصد فيها، كأنها عيوب ضحية من ضحاياه.

واسم «الصاعقة» نفسه مثل من أمثلة الشهادة على نفسه في مقام المقابلة بينه وبين غيره.

كان «فؤاد الصاعقة» يدين بالأستاذية للمويلحيين الكبير والصغير.

وكان المويلحيان أستاذين في ذلك الجيل للكتاب من مدرسة «النقد الاجتماعي» على الأسلوب المهذب في لفظه ومعناه.

فأخذ تلميذهما اسم «المصباح» وحوله إلى «الصاعقة».

وأخذ أسلوب «النقد» وحوله إلى أسلوب «الهجاء».

وارتد على الأستاذين بالتهديد والوعيد، وحاول أن يتقاضى منهما ضريبة الابتزاز والإتاوة، فعلمه المويلحي درسا قال له فيما بعد إنه قد فاته أن يتعلم منه مع الهجاء؛ هجاء الألف والباء.

أرسله إلى الآستانة برسالة يغنم فيها الهيل والهيلمان، من سلطان «آل عثمان».

Unknown page