101

فقالت: «إنه خطيب كفؤ للزوجة المخطوبة»، والتفتت إلي كالمتسائلة عن رأيي في رأيها هذا، لأن الخطيبين لهما شأن في الحياة العامة، فقلت بغير اكتراث كأنني أساق سوقا إلى الحديث: إن الأمر يعنيهما، وبارك الله للعريس في العروس وللعروس في العريس!

وقد كانت «الحشمة الصعيدية» لا تفارقني بحكم العرف الذي نشأت عليه، وكنت أشهد مجلس والدي في صباي فلا أسمع خبرا من هذه الأخبار التي تدور على الحريم وكل ما يتصل به من سر أو علانية، فإذا عرض اتفاقا فإنه يعرض ليصرف على الأثر ولا يعاد إليه، وكانت - رحمها الله - مولعة بالإلحاح علي في هذه الأحاديث خاصة، وهي تنظر إلى تحرجي من الخوض فيها نظر الحضري إلى الريفي «الخام» القادم من القرية صباح يومه!

سألتني مرة: هل صحيح أن الأستاذ «عبد القادر حمزة» تزوج من السيدة «منيرة ثابت» صاحبة «الأمل»؟

قلت: لا أعلم، ولم ينشر الخبر في البلاغ على الأقل!

قالت متهافتة: أولا تعلم من أخبار زملائك في البلاغ إلا ما ينشر في الصحيفة؟

قلت: أو ما يعنيني أن ينشر!

فعادت تقول في شيء من التخابث المصطنع: لا لا يا أستاذ، لعل الخبر لا يرضيك لأمر يعنيك!

وكانت تتحدث قليلا جدا عمن يخطبونها كأنها تعتذر لرفض الخطبة بعد الخطبة، لغير سبب وجيه في رأي الأصدقاء الذين قد يلومونها على إعراضها الدائم عن الزواج.

قالت مرة لمن سألها عن خطبة شاب من أسرة غنية ذات لقب غير مقبول: أتريد أن تناديني غدا باسم مدام «بعجور»؟! ونحن نذكر اسم «بعجور» هنا بدلا من اسم الأسرة الصحيح، رعاية لشعور أبنائها الأحياء.

وخطبها طبيب لبناني، فعاتبها صديق له؛ لأنها ردته بشيء من الجفاء، فقالت: إنه لطيف لا خلاف، ولكن اللطف الذي قد يسميه من شاء «تأنثا» لا يعجبني.

Unknown page