قال: عودة العلاقات بين حكومتي: مصر وإيران. وهذا خبر يفرحنا نحن الإيرانيين؛ فالشعب المصري شقيق لنا، ولغتنا الفارسية نصفها كلمات عربية، وبيننا تاريخ قديم وفلاسفة قدامى مثل ابن سينا والرازي.
وتراءى لي وجه جلال آل أحمد وصوته وهو يقول: 90٪ من بترول إسرائيل يأتي من عبدان من عندنا! يا للخجل ويا للعار!
وتساءلت: ماذا عن جلال آل أحمد؟
ودب الصمت طويلا، وظهرت الحقيقة في العيون على شكل الحزن المكتوم.
وفي اليوم التالي أخذتني «ماني» لأرى متحف جواهر تيجان الملوك في قلب طهران، وقال «ماني»: لا بد أن تري الجواهر داخل هذا المتحف؛ لتعرفي لماذا يثور الشعب الإيراني إذا قدر له أن يثور.
رجال البوليس كانوا يحوطون المتحف، جردونا من الحقائب ومن آلات التصوير، سرت في الطابور الطويل، ندور حول العلب الزجاجية، ومن خلال الزجاج نطل على التيجان المرصعة بالياقوت والماس والمرجان والفيروز، أسلحة مزركشة بالجواهر، الكراسي محلاة بالأحجار الكريمة والماس، في حفلات التتويج يستعير الملك أو الإمبراطور التاج من هنا، وكذلك الملكة أو الإمبراطورة، القطعة الواحدة من الجواهر بحجم رأس الدبوس تقدر بملايين الجنيهات.
وسمعت ماني تقول: أموال مجمدة في هذا المتحف لمجرد الزينة على حين يجوع الملايين من الشعب الإيراني.
في الطريق بالسيارة إلى أصفهان وشيراز رأيت الفلاحين في القرى، يرتدون سراويل طويلة واسعة تشبه سراويل الفلاحين المصريين، وجوههم شاحبة، أجسادهم نحيلة مرهقة وفي عيونهم حزن السنين كعيون الناس في قريتي كفر طلحة.
إلى جواري كان يجلس أحد الأطباء الإيرانيين من أعضاء المؤتمر، وحين سألته عن مشاكل الفلاحين قال: الفقر، الجهل، المرض.
وفي شيراز وأصفهان انتقلت من عالم الفقر والجهل والمرض إلى عالم آخر مرصع بالجواهر، الجدران والسقف مزركشة بالأحجار الكريمة، وفندق اسمه «شاه عباس» في أصفهان، بني في القرن 17، ينقلنا إلى عالم شبه خيالي مسحور كليالي ألف ليلة وليلة، بذخ الحكام وإسرافهم في المتع إلى حد الجنون، وتحت أقدامهم العبيد والجواري راكعون.
Unknown page