وحينما فتح عمرو بن العاص مصر دفن فى أركان مصر الأربعة سبعة آلاف شهيد من الصحابة الكرام ومجمل القول أنه حينما حكم عمرو بن العاص مصر عمرت إلى حد أن أصبحت عروس الدنيا وأم الدنيا.
وفى زمن إبراهيم عليه السلام أجرى طوطيس ماء النيل إلى بحر السويس وبعد ذلك سمع أبو المقوقس بظهور النبى صلى الله عليه وسلم فسد الخليج رغما عنه ، فلم يجر النيل إلى السويس ، لكن عمرو بن العاص جرف هذا الخليج مرة أخرى ، فجرت فى النيل سفن تحمل الغلال إلى السويس ومنها مضت السفن إلى جدة وينبع ، وغنمت مكة والمدينة ، لأن البارى فتح من الجنة على وجه الأرض أربعة أبواب : باب فتح على ميناء جدة ، والثانى على ولاية عسقلان ، والثالث على ولاية غزة ، والرابع على ولاية الإسكندرية وهى ولايات مصر ، والسلام.
وبعد ذلك توفى عمر فى المدينة ، وآلت الخلافة إلى عثمان ، وفى عهده مات عمرو ابن العاص فى مصر ، وجعل عثمان الحكم فى مصر لمحمد الأكبر ابن أبى بكر الصديق ، ولكن مروان كاتب عثمان وهو غير مروان الحمار ، ما إن بلغ محمد الأكبر مصر حتى وجه من قبل عثمان ، إلى أهل مصر رسالة ، وبحيلة من مروان الكاتب وهو يكتب كتب عبارة : إذا جاء الأمير فاقبلوه. وجعل القاف والباء بلا نقط وختمه بخاتم عثمان ، ثم جعل فوق الباء غير المنقوطة نقطتين فأصبحت «فاقتلوه» ، وأرسل مروان الكاتب هذه الرسالة إلى مصر واقتضت حكمة الله أنه حينما وصلت هذه الرسالة وقعت فى يد محمد الأكبر فردها إلى المدينة المنورة ، ولما أطلع أهل المدينة عثمان عليها قال : حاشا لله لا علم لى بهذا الخبر ، وحجزه فى بيته وضرب أهل المدينة الحصار على بيت عثمان أربعين يوما وبينما كان عثمان يتلو القرآن الكريم فى اليوم الحادى والأربعين قتلوه شهيدا. وأوصاف المدينة المنورة مذكورة أعلاه.
ثم كانت الخلافة بعد عثمان لعلى بن أبى طالب ، إلا أن دولته لم تكن وطيدة الأركان وظهرت فى مصر الفتنة والفساد إلى الغاية ، فكانوا يولون كل يوم حاكما.
وبقى حالها هكذا إلى زمان دولة العثمانيين.
* * *
Page 77