بحيرة الفيوم ، إنها فج عميق كم فيها من مخلوقات وحشرات البحر ، وفى كل عام يطهرون الترع بالثيران ، ولكن بما أن هذه الترعة شقها جبريل فلن تجرف إلى انقضاء الزمن.
إن النيل يجرى ولكن إذا دخل ماؤه البحيرة أصبح ملحا أجاجا ، وعلى جوانب هذه البحيرة الأربعة ثلاثمائة وست وستون قرية كل واحدة منها تشبه «إرم ذات العماد» ، وسوف نذكر أوصاف الفيوم فى موضعها بمشيئة الله.
وحينما كان يوسف الصديق يسكن الفيوم لم يطق فراقه أبوه يعقوب ، فقدم مصر من أرض كنعان مع أهله وعشيرته ، وبينما كان الملك ريان فى عزلته منزويا عن الدنيا مضى إلى يعقوب والتقى به ونال منه خير الدعاء له ، وأكرمه كل الإكرام ، وبعث به إلى الفيوم ، كما خرج يوسف الصديق مسافة ميلين خارج الفيوم لإستقبال (أبيه) لذا يطلقون على هذين الميلين اللذين تحف بهما البساتين اسم ميلى يوسف ، وهناك التقى الابن بأبيه ، والتقيا تعانقا ، وتبادلا القبل وقد غمرت البهجة نفس يعقوب بلقاء يوسف ، ومع أن عينيه ابيضتا حزنا على يوسف وذهب بصرهما فإنهما أنارتا كنر جستين ، فأعتق يوسف تسعين عبدا له ، فامتلأ قلب يعقوب سرورا ، ودعا الله ليوسف وسكن مصر ستة عشر عاما. وكانت عيناه باصرتين إلى أن وافاه الأجل ، وقبل أن يغمض يعقوب عينه عن الدنيا أوصى يوسف بأن يحمل نعشه إلى القدس ويدفن إلى جانب خليل الرحمن فى جبل جبرون.
* ذكر وفاة يوسف. عليه السلام .
حين أدركت يوسف الوفاة كان ريان قد مات وملك بعده ابنه دارم فى مملكة أسوان فسمع بموت يوسف فاستقل بالملك ، وبناء على وصية يوسف ألقوا يوسف فى صندوق من البرونز فى النيل ، وبقى هذا الصندوق فى النيل إلى عهد سليمان عليه السلام ، وقدم سليمان مع الإنس والجن إلى شاطئ النيل ، ومكثوا مدة ، وأتت امرأة عجوز إلى سليمان فقالت : «يا سليمان فى هذا المكان ألقوا صندوقا من البرونز فيه جثمان يوسف» ، فتحين الفرصة لإخراجه ، وفى التو أمر سليمان الجن بحمل الصندوق وبه جثمان يوسف الصديق ، فحملوه إلى القدس الشريف حيث دفنوه بجانب أبيه يعقوب فى جبل جبرون وهما الآن يرقدان فى قبر عظيم الأنوار يزار.
* * *
Page 57