نوح بسفينته على جبل الجودى وهى أرض مباركة ، سكن فيها ، وبعد الطوفان شيد نوح مدينة الجودى وهى الآن بلدة صغيرة فى قمة جبل الجودى بالقرب من الموصل.
وبعد ذلك بعث بيظرى بن حام إلى مصر ، وبنى مدينة العريش فى أرض حاسان القريبة من مصر ، ثم بنى مدينة بلبيس ، وقد عمرت تلك المنطقة أيضا بعد الطوفان ومعروف أنه دفن فيها سبعة عشر نبيا ، ثم بعد ذلك جاء بيظرى إلى مصر وأنشأ مدينة أمسوس القديمة التى هى مصر فصارت معمورة ثم بنى مدينة منوف ، وقد بنى سام بن نوح الشام وفلسطين والقدس ، وقد اطلعت على كتب التاريخ ومنها كتاب المقريزى القيم ، إنه واسع العلم بالعربية والسريانية والقبطية واليونانية وكأنه فى كثرة سياحاته فيثاغورث ، وقد تحدث عن أول من بنى مصر القديمة وكان ما قاله صحيحا ، وهو القائل إن آدم استوطن مصر ثم أمره الله بالتوجه إلى الشام ، وكان «لشيث» ولد اسمه (غرباب)، وابنه «نقراوش» ، وكان نقراوش هذا من النجباء الراشدين متطلعا فى جميع العلوم ، وقد أحب آدم نقراوش هذا وسماه «مصرايم» ، وأمره بتعمير مصر ، ومضى آدم إلى الشام ، لزراعتها ، ومن أسرة «نقراوش» هذا سبعون غادروا الديار فرارا من ظلم «قابيل» ، وكيما يجدوا لهم موطنا قطعوا المراحل وطووا المنازل إلى أن بلغوا فى مصر جبل «غداس» ، فطاب لهم هواؤه ، فألقوا عصى التسيار ، واستوطنوا ، ولأن جدهم آدم تجول كثيرا فى مصر إلا أنه لم يقم فيها أثرا له ، وفى ذلك العهد كانوا يسكنون الأكواخ ، أما «نقراوش» المسمى «مصرايم» فكانت له فى مصر ذرية ، فكان صاحب عشائر كثيرة وكان يشيد المدن والأبنية ، وفى كل عام اعتاد أن يزور جده آدم فى الشام وحوران وبصرى ويدعو له ، وسماه آدم ملك مصرايم ، وسماه الملك فى اللغة العبرية ، وكان له الملك مائة وثمانية عشر عاما ، وحكم جميع العشائر ، وقد عمر وكان جبارا عتيا ، وتعلم من أخيه الأكبر «زرايل» من عجائب وغرائب العلوم ، واستخرج من جوف الأرض كثيرا من الكنوز ، وأمر قومه جميعا أن يجمعوا من الجبال الأحجار ، ومن هذه الأحجار بنى مدينة فى موضع الخيام تسمى «أمسوس» وهى الآن على ساحل النيل تعرف بمصر القديمة ، ويسميها القبط الفسطاط ، ولقد أصبحت مدينة معمورة عظيمة إلى
Page 47