الساعة الثالثة المشؤومة
وصرت إذا أصابتني سهام
تكسرت النصال على النصال
ركبنا صباح هذا اليوم وأخذنا في السير جهة الشرق، وبعد الظهر هبطنا واديا وجلسنا فيه حصة لطيفة للراحة، ولم نكد نركب الإبل حتى انقض علينا من سفح الجبل ستة من العبيد السود، راكبين الخيل، مزنرين بأمشاط الخرطوش وعلى أكتفاهم البنادق، فلما دنوا منا حملوا البنادق بأيديهم، وفي أثناء ذاك الطراد واللحاق انبعث أشقاهم إلي، ووجه بندقيته نحوي، محاولا قتلي، فنزلت بسرعة عن جملي، ثم جالوا جولة حولنا، وأخذوا بأطرافنا محاولين سلبنا، ووقع بصر رفيقنا شلاش على عميدهم، فقال له رفيقنا: أجئتم لأخذنا أم لدعوتنا وأن غدانا اليوم عند عمك «هايس الهزاع» فالتفت ذاك إلى جماعته وقال بهم: «غرف يا عيال» ثم استلم بعضهم بعضا عناقا وتقبيلا، وجلسوا حلقة مستديرة «يتناشدون العلوم» وجلست أنا في ناحية منفردا، ثم ركبوا وركبنا، وشرقوا وغربنا، واجتمعنا هناك برجل يقال له «صالح» من عرب «هتيم» قد شهد الحالة، فهنأني وقال لي:
كل صدفة بسلامة يا خطيب، فقلت في نفسي: لا أكثر الله من أمثال هذه الصدف، وقال آخر: لو لا المعرفة لأخذنا، وقال آخر: الحمد لله على نجاتك منهم، وقد وقاك الله شرهم، فقلت له: ولما ذا قصدوني قصدا خاصا، وما ذا كانوا يريدون أن يفعلوا بي، فقال: إنهم كانوا يحاولون قتلك، أو لم تنظر كيف مد كبيرهم البندقية عليك، فقلت: يا سبحان الله ولما ذا؟
Page 34