145

Raḥlatān ilā al-Ḥijāz wa Najd

رحلتان إلى الحجاز ونجد

Genres

فالعدل من معدنه لا يستغرب، إذ من بلاد الحجاز والعرب أشرقت أنوار العدالة وطمست معالم الجور والضلالة، وتأيد التوحيد ودك جبل الشرك العنيد، حتى قال قائلهم بعد اعتناق الإسلام:

والله لو لا الله ما اهتدينا

ولا تصدقنا ولا صلينا

فأنزلن سكينة علينا

وثبت الأقدام إن لاقينا

وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا (64) ولما علونا على ظهر القمرة وهب علينا نسيم السرور مبشرا لنا بذهاب آلام الجسم الذي لم يقدر على حر الحجاز، مع أن الروح متعلقة بحب تلك الديار والآثار المباركة، حتى أن فراقها لها تبعا للجسم كان أشد عليها من عذاب النار انفتحت منا الشهية، فكنا نأكل الأسماك الحلوية وغير ذلك من أنواع الطعام البرية والبحرية، وغير خاف على كل ذي فطنة وروية إن زمن السرور قصير ولو طال.

أعوام إقباله كاليوم في قصر

ووقت إعراضه في الطول كالحج

ثم وصلنا إلى طور سيناء حيث من الله تعالى على عبده موسى الكليم بالرسالة والتكليم، على نبينا محمد وعليه الصلاة والسلام، فرست تلك السفينة على ساحله ثم أقبل علينا مفتش المحاجر الصحية سعادة السيد مسيري بك المتخلق بالأخلاق المحمدية، بادئا لنا بالتحية ومتأدبا بالآداب

Page 158