رحلة الحافظ أبي طاهر السلفي إلى مدينة أبهر
من حديث الحافظ الإمام أبي طاهرٍ أحمد بن محمد بن أحمد السلفي
المتوفى سنة ٥٧٦ هـ
عن بعض الأبهريين
قرأه وعلق عليه
د. جمال عزون
دار الصميعي للنشر والتوزيع
الطبعة الأولى
١٤٢٩ هـ - ٢٠٠٨ م
Unknown page
من حديث الحافظ الإمام أبي طاهرٍ أحمد بن محمد بن أحمد السلفي
المتوفى سنة ٥٧٦ هـ عن بعض الأبهريين
قرأه وعلق عليه د. جمال عزون
1 / 45
بسم الله الرحمن الرحيم
١- أخبرنا أبو.. .. .. (١) عن أبي عمرو عثمان بن علي بن عبد الواحد القرشي، أن أبا طاهر أحمد بن محمد بن أحمد السلفي كتب إليه من ثغر الإسكندرية قال: أنشدني الشريف أبو القاسم مهدي بن محمد بن هادي الحسيني بأبهر، قال: أنشدني الرئيس أبو المكارم عبد الوارث بن محمد بن عبد المنعم الأسدي لنفسه في أبي النجيب المراغي:
_________
(١) بياض في الأصل قدر سطر.
1 / 47
لو عُبد الله بشيءٍ سوى ... كلامه كان الذي تنظمه
ما الكل من قبلك لكنه ... كالوحي فيما عن لي معظمه
وخانقي غيظٌ على شاعر ... يقرضه لكنني أكظمه
لو نوجي الميت بأبياته ... لخلته مرتاحةً أعظمه
قال الحافظ:
لم أسمعها من أبي المكارم أنشدنيها عنه نقيب العلوية بأبهر مهدي بن محمد بن محمد بن هادي.
٢- أبو الحسين عبد العزيز بن مدكان المالكي:
والد عبد الرحمن وعبد المحسن ومحمد، روى عن شيوخ ناحيته، وروى أيضًا عن أبي الحسين ابن بشران والحمامي وابن شاذان، كتب عنه أبو نصر ابن ماكولا وطاهر النيسابوري وغيرهما من الحفاظ.
1 / 48
٣- سمعت أبا اليسر عطاء بن نبهان بن محمد الأسدي بأبهر في مجلس وعظه يقول:
«يتعب المرء نفسه حتى يجمع ما يبلغ به مكة والمدينة، فإذا وصل إلى هناك بلا نيةٍ أو رياء ماذا يرى؟ يرى أبنيةً، والله لو أنه أخلص نيته لله وهو في بيته لأنفذ رسوله إليه حتى يراه بل يريه جلال قدرته ولا يبالي، والاعتماد على الاعتقاد. وأورد قول النبي ﷺ: «من رآني في المنام فقد رآني»، وقوله ﵇: «الأعمال بالنيات» الحديث.
٤- وسمعته في مجلس وعظه يقول -وسئل عن قوله ﷺ: «المؤمن يحب لقاء الله، والكافر يكره لقاءه» فقال-:
1 / 49
«ألا ترى العندليب يضرب برأسه القفص طول وقته طلبًا للخروج، والفرس يخرج من الاصطبل بجهد جهيد؛ وذلك لأن الفرس قد عرف أنه يلجم ويركب ملجمًا، والعندليب عرف أنه إذا خرج يرتع في عالمه على اختياره مسلمًا» .
٥- وسمعته يقول:
«توضع في كل موضع على الجراحات المراهم إلا على باب العزة فإن هناك يوضع عليها الملح كي يزداد صاحبها ألمًا في كل أوان، وما ذاك والله من هوان بل للثواب، من غير شك وارتياب، وأورد: «أكثر الناس بلاءً الأنبياء ثم الأولياء ثم الأمثل فالأمثل» .
1 / 50
٦- سمعت صاحبنا إسماعيل بن أبي بكر الغزنوي بأبهر يقول:
«قرأت في نوادر المخنثين قال بعضهم: أكرم المأكولات على الله الباقلاء، ألا ترى أنه قد جعله في خريطة وختم عليها، ثم أودعها في القطن، ثم أودعها في خرجٍ وسرجها بسيرٍ، وجعل عليها شريحةً ولف عليها شعرًا» .
٧- ذكر لي الرئيس أبو المكارم بأبهر أنه ولد سنة أربع عشرة وأربعمائة، وأنه دخل بغداذ كراتٍ أولاها كان ابن إحدى عشرة سنةً.
قال: «وكان معي أخوان أبكر سنًا مني يتفقهان على البحراني المالكي، وكان يحفظ «المبسوط» لإسماعيل القاضي، وهو يشتمل على سبعين ألف مسألة. وكان أبو جعفر محمد بن عبد السلام الأبهري قد رأيته يحفظ «كتاب محمد بن إبراهيم ابن المواز»، وكان ابن المواز هذا من كبار المالكية، وهو يشتمل على تسعين ألف
1 / 51
مسألة، فقرأ البحراني مع جلالته على مدكان بن عبد السلام هذا الكتاب لما كان فيه من المسائل التي لم تكن عنده، وكان القاضي أبو الطيب يراجع ابن البحراني ببغداذ فيما يشكل عليه من مذهب مالك، وكان حافظًا، قرأ على السينيزي وعلى ابن هارون بالبصرة، وكان السينيزي هذا قد درس بالبصرة ثلاثين سنة مذهب مالك» .
1 / 52
٨- قال لي الرئيس:
«وقد قرأت على القاضي عبد الوهاب في حال صغري -قدم علينا أبهر ولم يكن في وقته مثله- شيئًا يسيرًا على وجه التبرك» .
٩- قال لي مزيد بن نبهان ابن أخيه: «بقي عمي عند أبي العلاء أربع سنين يقرأ عليه» .
١٠- سمعت الرئيس يقول: «يقال: فِسطاط وفُسطاط بالضم وهو المعروف، وفستاط بالسين والتاء» .
1 / 53
١١- وسمعت الرئيس يقول:
«لما توفي أبو العلاء المعري كان على رأس قبره ثمانون شاعرًا يرثونه، وختم في أسبوع على رأس قبره مائتا ختمةٍ. فهذا ما لم يشارك فيه. وكانت الفتاوى في بيتهم على مذهب الشافعي من أكثر من مائتي سنة بالمعرة» .
١٢- محمد بن عبد المنعم الأبهري والد أبي المكارم:
«رأيت له روايةً عن عبد العزيز بن عبد الله الداركي، ومحمد بن صالح الأبهري، وعبد العزيز بن جعفر الخرقي، وإبراهيم بن
1 / 54
أبي حماد، وأخبرنا ولده عنه، عن ابن لؤلؤ، وأبي بكر ابن المقرئ، وكان مالكيًا -يعني على مذهبه بأبهر-» .
١٣- وسمعته يقول:
«سمعت الموطأ رواية القعنبي ببغداذ من أبي عمرو ابن دوست قرأه لنا عليه عيسى الهمذاني المالكي، وكان أخواي معي، يرويه عن أبي بكر الشافعي، عن الخرقي، عن القعنبي، عن مالك» .
١٤- قال: «وكنا نقرأ عليه وهو يشتمنا، ونترك بين يديه شيئًا من التفل يأكله، وخزفةً يبول فيها، وكان مسنًا» .
1 / 55
١٥- وسمعت ببغداذ أبا علي ابن شاذان:
وكان يذكر بعلو الإسناد، وما عندي مما سمعته منه شيءٌ، وكان يملي بباب الطاق.
١٦- عدلٌ محتشمٌ يقال له: أبو القاسم ابن بشران، سمعنا منه أيضًا.
١٧- وأدركت بدمشق ابن أبي نصر، ورشأ بن نظيفٍ بن ما شاء الله، والحنائي، وبمصر ابن مسكين، وابن الترجمان العزي الغنوي، وأبا عبد الله القضاعي، وبمكة أبا نصر السجزي، وغيرهم
1 / 56
من شيوخ الآفاق، وسمعت منهم: وأخرج لي «كتاب الشهاب» للقضاعي وعلى ظهره خطه بسماعه.
١٨- قال: وسمعت رشأ بن نظيف بن ما شاء الله بدمشق يقول: «ما حملت الأرض مثل أبي العلاء المعري في فنه» . وكان يتغالى فيه وقد رآه وقرأه عليه، وكان فاضلًا كبيرًا.
١٩- وأخرج لي مما كتبه بعسقلان عن ابن الترجمان، ومن شعر أبي العلاء المعري. وأخرج لي بعض أقربائه «كتاب الموطأ رواية معنٍ» بخط والده محمد بن عبد المنعم، وكان مالكيًا كبيرًا، كتبه ببغداذ عن ابن لؤلؤ، عن الهيثم بن خلف الدوري، عن إسحاق بن موسى، عن معن، عن مالك، و«جزءًا من مسند أبي يعلى الموصلي» أصل والده أيضًا، و«روايته» عن أبي بكر ابن المقرئ عنه، وفيهما سماعه عن والده محمد بن عبد المنعم.
1 / 57
٢٠- فانتخبت من هذه الأجزاء ما اخترته وقرأته عليه بحمد الله، وقد علقت عنه غير ذلك، وهو مالكي المذهب أيضًا، وآباؤه كانوا أئمةً مالكيةً.
٢١- وأخرج لي كتابًا بخط الجنيد إلى جدهم محمد بن عيسى بن أبي حماد المطوعي، وكانا شريكين وقت طلبهما العلم، فنسخته وقرئ لي عليه.
٢٢- وعلقت أخباره في غير هذا الموضع، وهو مع وفور فضله من بيت قل ما يرى مثله في النبل والتقدمة في العلم.
٢٣- سمعت أبا اليسر عطاء بن نبهان بن محمد بن عبد الله الأسدي بأبهر في مجلس وعظه يقول:
«اجتاز الحكم السرمقندي في سوق سمرقند وكان الناس يتبركون به، فاهتزت لذلك نفسه فدخل الحمام وخرج من وقته، ولبس ثياب غيره وقعد بقرب الحمام، فخرج صاحب الثياب وأخذوه وحملوه إلى السوق وقالوا: هذا من يدعي الزهد ويسرق، فالتفت إلى نفسه وقال: كيف أوقعتك! والله لو عدت في اليوم ألف مرةٍ لأوقعتك ألف مرةٍ، وكان يدعى بعد ذلك: سارق الحمام» .
1 / 58
٢٤- ثم سألته عن مولده فقال: سنة ست وخمسين، وذكر أنه سمع ببغداذ أبا نصر الزينبي وابن أبي عثمان وأقرانهما، وتفقه بها على أبي سعيد المتوثي، ثم على من كان يدرس بعده في المدرسة النظامية» .
٢٥- عبد الغفار بن سعيد بن الحسين الرازي:
شيخ الصوفية بأبهر، وجدت له سماعًا عن أبي جعفر محمد بن عبد العزيز المالكي الراوي عن ابن مالك القطيعي وأبي بكر الأبهري ونظرائهما، سمعه منه سنة سبع وعشرين، فخرج من البلد ولم يتفق لي قراءة شيء عليه، وكنت لما دخلت أبهر جاءني مسلمًا، وقصدته أنا بعد ذلك للزيارة وسألته: فقال: ما قرئ علي شيء قطٌ. وبيتهم بيت العدالة والقضاء، غير أنه اعتزل، وبأمر الآخرة اشتغل.
٢٦- القاضي الإمام أبو عبد الله الحسين بن محمد بن الحسين بن أحمد الرازي الحنفي:
رأيته بأبهر، وبها مولده ومنشؤه، ورحل إلى خراسان، ودخل ما وراء النهر، وتفقه بها على القاضي الزوزني.
1 / 59
٢٧- سمعته يقول: «كان أبو الحسن البستي شريكي في الدرس»، وذكر أنه سمع أبا القاسم القشيري وطبقته، على أنه كان مريضًا ولم يمكنه إخراج شيء من أصوله.
٢٨- وقال: «مسألة تدريها خيرٌ من ألف ترويها» .
٢٩- وكان قد قضى بأبهر أكثر من عشرين سنةً، ومولده سنة خمس وثلاثين على ما قاله لي بعض من يقربه. وكان يفتي على مذهب أبي حنيفة ويحكم بمذهبه لما كان قاضيًا.
٣٠- أخبرنا الشيخ أبو النجم مزيد بن نبهان الأسدي بأبهر، أخبرنا أبو عبد الله الحميدي ببغداذ، أخبرنا أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد الفقيه بالمغرب قال:
«تسمية ما ذكره في «المسند» أبو عبد الرحمن بقي بن مخلد، ثم رتبانه نحن مما أخبرنا به أبو عبد الله محمد بن سعيد بن نبات، حدثنا عبد الله بن نصر الزاهد، أخبرنا عبد الله بن يونس، المرادي، حدثنا بقي بن مخلد: «أصحاب الألوف: منهم أبو هريرة: خمسة آلاف وثلاثمائة حديث وأربعة وسبعون حديثًا» . فذكر الكتاب إلى آخره.
1 / 60
وهو جزء عليه فراغ ابن اليونارتي والباغبان، قرأته عليه في ذي الحجة سنة خمسمائة، ومعي بنيمان الكرخي، وبندار وأبو هاشم الأبهريان.
٣١- أبو العلاء إسماعيل بن أحمد الطباخي: مولده سنة ست عشرة فيما قاله لي.
٣٢- سألته -أعني أبا المحاسن- عن أخيه الشيخ أبي سعيد فقال: قد تفقه على مذهب الشافعي، وآباؤه كلهم كانوا مالكيةً أئمةً، وإليه أمر الفتوى الآن بأبهر.
1 / 61
٣٣- الخطيب مكي:
فقد تفقه على ابن جابارة، وهو مالكي يخطب في جامع القلعة بأبهر ويفتي.
٣٤- أبو المحاسن: مولده سنة خمسين.
٣٥- أنشدنا الشيخ أبو عاصم نصر بن إسماعيل بن عبد الله الأبهري بها، قال: أنشدنا أبو إسحاق الشيرازي ببغداذ لنفسه:
سألت الناس عن خلٍ وفيٍّ ... فقالوا ما إلى هذا سبيل
تمسك إن ظفرت بود حر ... فإن الحر في الدنيا قليل
٣٦- ذكر أنه قرأ ببغداذ على أبي إسحاق كتاب «التنبيه» و«المهدب»، وسمع منه بشيراز «خلافه»، وسمع منه الحديث ومن ابن البسري، ومولده سنة خمسين.
1 / 62
٣٧- أبو يعلى علي بن محمد بن شعيب الشيباني الصرام:
قزويني دخل أصبهان، وهو مسندٌ ورأيت له روايةً عن ابن عمر الطلحي وغيره.
٣٨- عبد المنعم: مولده سنة ثلاث وعشرين فيما سألته.
٣٩- شيوخ أبهر الذين سمع شيخنا (١) الحافظ السلفي منهم:
أبو المكارم، أبو سعيد ابن مدكان، أبو العلاء الطباخي، الرئيس عبد الوارث، عبد الرحمن، إسماعيل، أبو المحاسن عبد المحسن، مكي الحربي، مكي النحوي، النضر بن محمد، عبد الرفيع، عبد المجيد، هبة الله، عطية، سعد السعدي، عبد الله ابن الصغدي، حسان، هبة الله الوراقي، الحسين الفامي، أخواه علي وعبد الكريم، مزيد، عطاء، محمد أخو أبي سعيد، عبد الرشيد، عبد الماجد، أبو عبد الله الحنفي، مهدي، حاتم، عبد المنعم، أبو سعيد، أحمد الصوفي، أبو عاصم نصر، إسماعيل الغزنوي، مكي بن أحمد.
_________
(١) يبدو أن هذه الفقرة من إضافات راوي الجزء عن المؤلف وهو أبو عمرو عثمان بن علي بن عبد الواحد القرشي الوارد في أول سند النسخة. والملاحظ في هذه القائمة تقدم بعضهم بينما لا نرى لآخرين أثرا في هذا الجزء.
1 / 63
٤٠- مكي بن محمد بن الحسين بن العباس بن الفضل بن إبراهيم بن مرزوق بن صعصعة القيسي، وإنما يقال لهم: بنو النحوي لأن جدهم أبا عبد الله الحسين كان نحويًا.
٤١- سألته عن مولده فقال: في سنة اثنتين وأربعين، وعمر. وقرأت عليه عن ابن جابارة، وذكر أنه سمع أبا الحسين ابن مدكان، وأباه أبا العباس أحمد بن مكي، وبيتهم بيت العلم، وهو وآباؤه كلهم مالكية.
٤٢- سألت مهدي بن محمد بن هادي الزيدي نقيب العلوية بأبهر أن ينشدني شيئًا من الشعر، فأنشدني من شعر أبي المكارم الأبهري أبياتًا. فقلت له: أبو المكارم في الأحياء فأنشدني مما كتبته عن المتقدمين أو من شعرك. فقال: كيف أنشد شعري وقد بقي في أيامنا شمس المشرق والمغرب في اللغة والشعر! - يعني أبا المكارم. ثم أنشدي أبياتًا من شعر نفسه بسؤالي.
1 / 64