Rihla Fi Zaman Nuba
رحلة في زمان النوبة: دراسة للنوبة القديمة ومؤشرات التنمية المستقبلية
Genres
وقد رأى الرحالة إدوارد روبل أن «الحواويط» - اسم الحواتة - عشيرة غير نوبية، وهو في هذا الرأي قد مس الحقيقة أن السماكة حكر على غير النوبيين حتى الآن، سواء كانوا من الصعيد أو من غيرهم، ذلك أن الكثير من الأنثروبولوجيين يرون أن تحريم أكل السمك هي عادة من عادات الشعوب الحامية متأصلة فيهم - آراء ليو فروبينيوس
Leo Frobenius
1954، وشتور لاجركرانتس
Sture Lagercrantz
1953 - وربما إذن أن تحريم السمك يعود إلى عصور قديمة في النوبة وشمال السودان وشرقه، ولكن برغم أن أصول قدماء المصريين حامية، فإنهم كانوا يأكلون السمك في كل العصور، وربما كان التحريم قاصرا على الحاميين الشرقيين مثل البجة، بينما الحاميين الغربيين الذين يسكنون كل شمال أفريقيا من مصر إلى المغرب، ويعرفون عند الأنثروبولوجيين باسم السلالة البربرية أو اختصارا البربر
Berberide - الذين منهم أصول قدماء المصريين - لا يحرمون أكل الأسماك. وعلى أية حال فإن الموضوع يحتاج إلى دراسات ليس هذا الكتاب مجالها.
ويكفينا هنا إثبات أماكن تحريم السمك، وتلك التي تأكله دون تحفظ في النوبة المصرية، فالقرى التي تمتنع عن أكل السمك معظمها في شمال بلاد الكنوز من دابود حتى أبوهور، وفي الجنوب من محرقة إلى سيالة والمضيق، ويمارس سكان السبوع وأبو حنضل وتوماس هذا الامتناع أيضا، أما بقية النوبة فإنها تأكل الأسماك، وإن كان ذلك بقدر أيضا.
وبناء على إحجام النوبيين فإنهم لا يشاركون في صيد الأسماك الذي كان بالتالي حكرا على أهل الصعيد، ويبدأ نزول الصعايدة إلى النوبة بمراكبهم في شهر أبريل، وما إن يأتي شهر مايو إلا ويكون النهر قد امتلأ بالصيادين، وعلى سبيل المثال يكون في بحر كورسكو في تلك الفترة نحو عشرة مراكب صيد عليها 40-50 صيادا، معظمهم من بعض قرى المنطقة الممتدة من قوص إلى نجع حمادي في قنا، وأبنوب في أسيوط.
حقوق الصيد
لكل مجموعة من الصيادين منطقة يصيدون فيها العام تلو العام، ويعرفهم أهل المنطقة، وإذا حدث أن وفد على المنطقة جماعة أو قارب جديد، فإنه إما أن يبعد بواسطة جماعة الصيد ذات الحق، ويساندهم في ذلك أهل المنطقة إذا لم يرتدع الغريب، وإما أن يسمح له بالصيد برضى الجماعة ذات الحق في تلك المياه.
Unknown page