154

Rihla

رحلة الصديق إلى البلد العتيق

Publisher

وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٢٨ هـ - ٢٠٠٧ م

Publisher Location

قطر

Genres

ولا دليل على الترتيب، ويُستحب أن يزور قبور الشهداء، وقبرَ حمزة عمِّ رسول الله ﷺ. قال ابن الهمام: ويزور جبل أُحد نفسَه؛ للحديث الصحيح: "أُحد جبلٌ يحبنا ونحبه"، ولكن ليس فيه ما يدل على زيارته، ويُستحب أن يأتي بئرَ أريس التي تفل فيها رسول الله ﷺ، وسقط فيها خاتمه من عثمان. وكان السلف الصالح يحبون لمن أتى المساجد الثلاثة: أن يختم فيها القرآن، ويستحب المجاورة بالمدينة كمكة لمن ظنَّ من نفسه عدمَ موافقة مذموم شرعي، وحينئذ، فليكن بغاية من الفرح بجوار نبيه ﷺ مع إكثار الدعاء لنفسه ولأحبابه، وبغاية من الصبر على ضيق المدينة ومعيشتها، بالنسبة لبلاد الخصب. والأحاديث في فضل المُقام والموت بها كثيرة، ومن ثَمَّ أخذ منها جمع متأخرون من الشافعية: أن السكنى بها أفضلُ منها بمكة، مع مزيد المضاعفة بمكة، قال ابن حجر الهيتمي: وفيه نظر، بل الموافق للقواعد أن سكنى مكةَ أفضلُ، وكفى زيادة مضاعفة الأعمال مرجحًا، انتهى. ويُستحب أن يتصدق بما أمكنه على جيران رسول الله ﷺ، وينظر أهل المدينة بعين التعظيم، ويَكِلَ سرائرَهم إلى الله، ويحرم عليه أن يستصحب شيئًا مما عمل من تراب حرم المدينة أو من أحجاره إلى خارج حرمها، ولو إلى حرم مكة، ويودع المسجد الشريف بركعتين، والأولى أن تكونا بمصلاه ﷺ، وليكن حالَ مفارقته في غاية التشوق للعود، وفي غاية الصدق مع الله وملازمة التوبة والأعمال الصالحة، وينبغي أن يزداد خيرًا بعد ذلك؛ فإن هذا من علامات قبول أعماله، وبالله التوفيق. ٣ - فصل في فضائل "المدينة" وما يشبهها قال الله تعالى: ﴿أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا﴾ [النساء: ٩٧] ذكر مسلم، والبخاري، وغيرهما: أن المراد بها "المدينة"، وفي هذه الإضافة من مزيد التعظيم ما لا يخفى، وقال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ﴾ [الحشر: ٩].

1 / 154