وأتينا مرة أخرى فأتى لنا بزير من عسل فوضعه بيننا فعلمنا صدق الشيخ وأخلاص نيته وسمعت أيضا انه أتى لزيارته فرحات بأي وعادة البايات يزارون ولا يزورون وان اعتقدوا أحدا بعثوا إليه ليزوروه في محلهم خوف الإزدراء والنقص في حقهم فلما وصلوا أتى لهم بخبز وأظنه من شعير فكسره في الزيت وشيء من التوابل يقال له اجعجوع والزيت لا يأكله إلا الخماس والراعي ومن هانت عليه نفسه فأتى به هو إلى الملوك ثم قام الباي لما أتى به الشيخ ظننا أنه لا يأكله أحد منها فلما بداناه حياء منه وأكلنا منه شيئا وجدناه والله خيرا من سائر الأطعمة التي كانت في الدنيا ولو لا الهيبة والحياء لتقاتلنا عليه وغير ذلك من أموره نفعنا الله به وقيل له أصلح بين القبائل الذين بينهم الفتنة فقال والله أحمد الله وأشكره حين عصمني الله منهم بحيث لا يمنعوني عن الصلاة في المسجد فضلا عن أن أصلح بينهم ومع هذا إذا كان العرس ركب فرسه ولعب بها للسنة النبوية وكانت والدة أبي من الصالحات شريفة كوالدتي أيضا وكانت تقسم الليل أثلاثا ثلث للصلاة وثلث للنوم وثلث للذكر وجدي كان عنده الزيتون وسيدي الحسن لا (1) قالت فجعل حظا من الزيتون للشيخ تلتقطه بطهارة وتعصره بطهارة أيضا لتتم معارف الشيخ ونوره ولتغتنم (2) بركته أيضا رحمه الله ونفع به وأما أولاده فلا تجد فيهم ناقصا بل كلهم على الكمال وكذلك أولاد الشيخ سيدي محمد صالح جل أحوالهم على الهدى وسيدي عبد الله من الصالحين وترك ولبيبن صالحين سيدي عبد الرحمن وسيدي أحمد وهما مفترقان في السكنى وقد سمعت أنه قال لي لما تحيرت من أمر السكنى رأيت قائلا يقول لي فأووا إلى الكهف ينشر لكم ربكم من رحمته الآية فسكن موضعا كذلك (3) وهو المسمى اثروش مستندا
Page 89