ومنهم الشيخ العارف بالله تعالى الزاهد في الدنيا رأسا المتخلي عنها نفسا سيدي محمد بن قري وقد اعتزل بأهله وسكن القلعة في غيضة عظيمة لا يسكنها إلا الوحوش (1) لعدم الماء فيها ومع ذلك انه بنى دوره (2) في الأوعار من الجبل مع بعدها من الوادي إلى رأس الجبل وبنى فيها مساجد بفضل الله سيما الجامع الكبير فقد بناه بناء معتبرا إلا إذا كان مثله في تونس وأشار رحمه الله إلى أنها تصير مدينة قاهرة آخر الزمان وقد تحمل (3) المشاق العظيمة في مجاهدة نفسه وأهله وأولاده وأصحابه وكان لا يفتر عن ذكر الله تعالى طريقه صعب لا يسلكه إلا من نبذ نفسه وراء ظهره وقد أدركته صغير وقد سمعت من بعض الناس أنه قرأ على شمهروش الطيار من الجن وهو قرأ على رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن أحياه الله أحد عشر قرنا وكذلك قرأ عليه الشيخ سيدي أحمد الحبيب صاحب السر العظيم والصراط المستقيم الفملالي وكذلك الشيخ البقال المصري وقد سمعت أنه يصلي كل جمعة في جامع الزيتونة في تونس فلما مات قال مجاوره أظن أن الشيخ توفي لما لم يعمر محله وكان الأمر كذلك والله اعلم وزوجته كذلك وقد سمعت منها أنها كانت تنازع الشيخ في بعض الأمور عند رجال الغيب ونصها أنها قالت أنا أريد أطعام الطعام والشيخ يمتنع ليس بخلا [بل] لما في ذلك من كثرة الخلق وهو يريد السلامة منهم والفرار من أجلهم قالت ذات ليلة والشيخ بات عند بعض الناس خارج القلعة فذهبت إلى المسجد الكبير فصحت برجال الغيب فأتوني من مصر ثم ناديت برجال المغرب فجاؤا من فاس أعني أشياخ زوجها قالت وناديت رجال الصحراء فأتوني كالجراد وناديت رجال بجاية فأتوني سيدي أبو القاسم الذي في قراية وغيره من رجال بجاية فلما استقر
Page 66