363

بني إسرائيل ولها طرفان رمل يزيد تارة وينقص تارة أخرى لا يراها إلا تائه والله تعالى اعلم ثم ظعنا منه يوم الاثنين وغلسنا الرحلة وانفرد عن الركب مسائره بإزائه رجل من أهل توات مع ولده وعبده بعد ما حلموا على جملهم ولقوا جماعة من المتلصصة فأخذوا الجمل وما عليه وهو كل ما يملك وذلك مقدار ثمانمائة مثقال تبرا بعد ما شجوه فخر صريعا نسأل الله السلامة والعافية التامة فالله يخلف له من فضله الفياض أنه الكريم الوهاب وأتينا بنرد النخيل قرب الزوال ووجدنا الركب التونسي نازلا واستقرت بهم الدار وحططنا الرحال وتسابق الناس لسقي الجمال والبغال وصادفنا فيه بقية من السوق به بعض الفواكه الشامة أتى بها أهل غزة مثل الزبيب الفاخر الحلو ونحو ذلك وذلك عادتهم أبدا يتعرضون للركب هنا ذهابا وإيابا بالكثير من أنواع الفاكهة الشامية.

وهنالك بندر حصين فيه بئر ماء عذبة كثيرة لا تنزح أبدا يسقى منها بالبقر إلى برك خارج الحصن وهي ثلاث بركات مثل ما بعجرود إلا أن هذه أكبر وقد وجدنا الماء فيه فاضلا عن الكرب المصري وأخذ الناس منه حاجتهم وهو من المواضع التي يصعب فيها الماء إذ ليس فيه إلا بئر واحدة فإذا شرب المصري ما في البرك وقعت الزحمة على البئر فلا يصل الناس إلى الري إلا بعد تعب شديد ومشقة فادحة واتفقت الأركاب المغربية على الذهاب وعدم البيات به فلما قضوا منه الغرض ، ووفوا الحق المتفرض ، سرنا ونزلنا بعيد المغرب وقل في ركبنا الفلاحون فضبط أمر الركب بعض ضبط.

قال الإمام أبو سالم وقد كانوا في غالب السنين يكثرون عليهم في الركب المغربي فرارا من جور عساكر المصري فيكثر ضجيجهم وخصوماته فلا يكاد ينضبط للركب المغربي أمر من كثرتهم فيه فيرحلون في غير أبان الرحيل ويتبع الأخر الأول

Page 387