وأما سيدي عبد الرحمن الصباغ فتآليفه تنبئ عنه وكلامه (1) يدل عليه فليس إلا من أهل الشأن والتصريف وهو من القرن التاسع نفعنا الله بكلهم بمنه وكرمه آمين وبالجملة ففضل بجاية مشهور وعلم أهلها مذكور قال الشريف التلمساني دخلت بجاية في القرن الثامن فوجدت العلم ينبع من صدور رجالها كالماء الذي ينبع من حيطانها فرت أكتب في كل مسجد سؤالا وأتركه هناك حتى وصل أمره إلى السلطان.
وقال الشريف بعد أن خرجت من بجاية دخلت تونس فوجدت ابن عبد السلام يقرئ ما رأيته قط ولا رآني نعم لما سألته قال أظنك أنت الشريف التلمساني قلت له أظنك أنت ابن عبد السلام فتصفح معرفتي من كلامي وتصفحت معرفته من كلامه وقد سمعنا (2) أن بجاية فيها خمسمائة صبية يحفظن المدونة وإما اللاتي يحفظن ابن الحاجب فلا يحصى عددهن إلا الله تعالى حاصله جعلنا الله في زمرتهم وأفاض علينا من بركتهم بمنه وكرمه آمين.
ولما ودعت أهل بجاية رجعنا إلى دارنا عازما على السفر وجاءنا الركب من جبل زواوة نحو الثلاثمائة رجل واشتغلنا بهم إلى أن ذهبوا إلى قسنطينة ثم إلى تونس ليذهبوا في البحر وفيه أفاضل وأكابر وساعدهم فضلاء الركب نعم صرنا في توديع الناس من كل بلد من حمزة ووانوغة ووادي بجاية وغيرها وبالجملة فوطننا طيب فيه العلم وبعض الكرم للغريب وفيه الزيتون والعنب والتين بكثرة والحرث غير أن الوطن عزيز غال (3) وسبب ذلك كثرة الناس غير أنه خال من السلطان وأحكامه
Page 43