278

حيدة سريعة السير وفيها كثرة المقاذيف وقال له كيف تصنع وتتحيل على هذا السيد إذا نام تأخذه برفق وتضعه في السفينة وتقذف به بسرعة حتى تصبح به في دمياط فإذا بلغت دمياطا خذه برفق وضعه في مكان معلوم عينة له واتركه هناك أسبوعا ثم أفعل به ما فعلت أولا وتصبح به في مكانه هذا ففعل النوتي ذلك وأصبح به في دمياط وجلس يقرأ فيه السيد أسبوعا وكان ذلك ليلة الأحد فلما كان ليلة الأحد الأخرى فعل به مثل ما فعل به أولا فأصبح به في بولاق في المكان الذي أخذه منه أولا وجاءه الشيخ السبكي صباحا على عادته وسلم عليه وقال له المارديني أنا أتيت من دمياط فقال له السبكي متى جئت من دمياط ألم تكن هنا ليلة الأحد وهذا يوم الأحد فقال له المارديني بل أتيت دمياطا وقرأ علي فلان وفلا وجعل يعد له من قرأ عليه وغلطه السبكي في جمعة وهذا مراده حتى فعل به ذلك رضي الله عنهم أجمعين وأنشدنا أيضا رضي الله عنه :

أرى الإحسان عند الحر دينا

وعند النزل منقصة وذما

أشار بهذين البيتين إلى ما ذكره أهل الهيئة من أن ماء النيسان ينعقد جواره في بطن الأصداف ويصير سما في بطن الحيات.

أعجوبة ذكر صاحب الفلاحة النبطية أن بالمشرق جبلا عاتيا ذا مدارج لا يستطاع الصعود إليه فإذا كانت أيام النيسان أتت الرفاق من أقصى البلاد وتنزل حواليه لتصغي لأصوات طيور تظهر في تلك المدارج ولها ريش كريش الطاوس ومناقير حمر وصفر في غلظ شبر وطول ذراع وفي تلك المناقير أبخاش متعددة فتستقبل الريح وتفتح مناقيرها شهرا كاملا حتى تمتلئ حواصلها ريحا ثم يأخذ في انعكاس مناقيرها فيخرج الريح على أصوات عجيبة ونغمات مطربة حتى أن رقيق

Page 302