Rihla
رحلة ابن بطوطة
Publisher
دار الشرق العربي
وثلاثون ومن الأرجل أربع عشرة وسعة الصحن مائة ذراع وهو من أجمل المناظر وأتمها حسنا وبها يجتمع أهل المدينة بالعشايا فمن قاريء ومحدث وذاهب ويكون انصرافهم بعد العشاء الأخيرة وإذا لقي أحد كبرائهم من الفقهاء وسواهم صاحبا له أسرع كل منهما نحو صاحبه وقبل رأسه. وفي هذا الصحن ثلاث من القباب إحداها في غربية وهي أكبرها وتسمى قبة عائشة أم المؤمنين وهي قائمة على ثمان سوار من الرخام مزخرفة بالفصوص والأصبغة الملونة مسقفة بالرصاص.
ويقال أن مال الجامع كان يختزن بها وذكر لي أن فوائد مستغلات الجامع وجبايته نحو خمسة وعشرين ألف دينار ذهبا في كل سنة والقبة الثانية من شرقي الصحن على هيئة الأخرى إلا أنها أصغر منها قائمة على ثمان من سواري الرخام وتسمى قبة زين العابدين والقبة الثالثة في وسط الصحن وهي صغيرة مثمنة من رخام عجيب محكم الإلصاق قائمة على أربع سواري من الرخام الناصع وتحتها حديد في وسطه أنبوب نحاس يمج إلى علو فيرتفع ثم ينثني كأنه قضيب لجين وهم يسمونه قفص الماء ويستحسن الناس وضع أفواههم فيه للشرب وفي الجانب الشرقي من الصحن باب يفضي إلى مسجد بديع الوضع يسمى مشهد علي بن أبي طالب ﵁ ويقابله من الجهة الغربية حيث يلتقي البلاطان الغربي والجوفي موضع يقال أن عائشة ﵂ سمعت الحديث هنالك.
وفي قبلة المسجد المقصورة العظمى التي يؤم فيها إمام الشافعية وفي الركن الشرقي منها إزاء المحراب خزانة كبيرة فيها المصحف الكريم الذي وجهه أمير المؤمنين عثمان بن عفان ﵁ إلى الشام وتفتح تلك الخزانة كل يوم جمعة بعد الصلاة فيزدحم الناس على لثم ذلك المصحف الكريم وهنالك يحلف الناس غرماءهم ومن ادعوا عليه شيئا وعن يسار المقصورة محراب الصحابة ويذكر أهل التاريخ أنه أول محراب وضع في الإسلام وفيه يؤم المالكية وعن يمين المقصورة محراب الحنفية وفيه يؤم إمامهم ويليه محراب الحنابلة وفيه يؤم إمامهم. ولهذا المسجد ثلاث صوامع إحداها بشرقيه وهي من بناء الروم وبابها داخل المسجد وبأسفلها مطهرة وبيوت للوضوء يغتسل فيه المعتكفون والملتزمون للمسجد ويتوضئون
1 / 67