فقال له : يابن الخطاب! دع أبا الفضل يتكلم لمكانه من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال العباس : خطة خطها لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وبنيتها معه وما وضعت (1) الميزاب (2) إلا ورجلاي على عاتقي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فجاء عمر فطرحه وأراد إدخالها في المسجد. فقال أبي : إن عندي من هذا علما ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : «أراد داود أن يبني بيت المقدس وكان فيه بيت ليتيمين فراودهما (3) على البيع فأبيا ، ثم أرادهما (4) فباعاه ، ثم قاما بالغبن (5)، فرد البيع ، ثم اشتراه (6) منهما ، ثم رداه كذلك حتى استعظم داود الثمن فأوحى الله إليه إن كنت تعطيهما من شيء هو لك فأنت أعلم ، وإن كنت تعطيهما من رزقنا فأعطهما حتى يرضيا ، وإن أغنى البيوت عن مظلمة بيت هو لي ، وقد حرمت عليك بناءه. قال : يا رب فأعطه سليمان ، فأعطاه سليمان (7)». فقال عمر : من لي بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قاله؟ فقال أبي : تكذبني؟ لتخرجن من بيتي ، ثم خرج أبي إلى قوم من الأنصار ، فأثبتوا ذلك له. فقال عمر : أما إنه لو لم أجد غيرك لأخذت قولك ولكني أردت أن استثبت ، ثم قال للعباس : والله لا ترد الميزاب إلا وقد ماك على عاتقي ، ففعل ذلك العباس ثم قال : أما (8) إذا ثبتت لي فهي صدقة لله عز وجل فهدمها عمر وأدخلها في المسجد (9).
Page 445