276

* [ينبع]

ومنها إلى ينبع يومان جادان ، وينبع من بلاد الحجاز المعروفة وهي بليدة في أصل جبل ، ضعيفة البناء قليلة الساكن ، والخراب بها كثير ، وغربيها بسيط متسع ، وهو محط الركب ، ولكنه سبخة لا تنبت ، وفيه نخيل وماء معين طيب. وصاحب ينبع مستبد بها كاستبداد صاحب مليانة ؛ إذ لا أحد يرغب فيهما ولو كان كل (1) بلد مثلهما لوقع الأمان و «لم ينتطح فيها عنزان» (2). ومن ذا الذي يرغب في عين العناء ، وينافس في نفس الفناء ، فهم طلقاء الجوع ، وعتقاء الشظف ، أمنهم الخوف ، ونجاهم التلف. ولكن ينبع على ما هي عليه ترتاح لها النفوس [87 / آ] وينضى لرؤيتها لبوس البوس ، لأنها مراقبة (3) لدار حلها الحبيب ، وربع يدعى فيها الشوق فيجيب ، ويخطر به الخاطر فيعرف ولا يستريب ، لو نطقت بقعه (4) لأفصحت بكل عجيب. منزل غدا للعقول عقالا ، ينفر إليه جند الوجد ( خفافا وثقالا ) (5) تود الخدود به لو كانت يغالا ، ذا المعالي (6) فليعل من يتعالى.

وللركب في ينبع سوق كبير ، والتمر فيه كثير ، ومنه يتجهز من نقصه شيء من زاده إلى مكة ، وبه يحط أهل مصر أثقالهم وما لا يحتاجون إليه من

Page 345